كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 14 "
فطار لنا من القادمين عثمان بن مظعون أي كان ذلك حظنا .
وعن ابن عباس : ) طائرة ( عمله ، وعن السدّي كتبه الذي يطير إليه . وعن أبي عبيدة : الطائر عند العرب الحظ وهو الذي تسميه البخت . وعن الحسن : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك ، وخص العنق لأنه محل الزينة والشين فإن كان خيراً زانه كما يزين الطوق والحلي ، وإن كان شراً شأنه كالغل في الرقبة . وقرأ مجاهد والحسن وأبو جاء طيره . وقرىء : ) طَئِرَهُ فِى عُنُقِهِ ( بسكون النون . وقرأ الجمهور ومنهم أبن جعفر : ) وَنُخْرِجُ ( بنون مضارع أخرج . ) كِتَاباً ( بالنصب . وعن أبي جعفر أيضاً ويخرج بالياء مبنياً للمفعول ) كِتَاباً ( أي ويخرج الطائر كتاباً . وعنه أيضاً كتاب بالرفع على أنه مفعول ما لم يسم فاعله . وقرأ الحسن وابن محيصن ومجاهد : ويخرج بفتح الياء وضم الراء أي طائره كتاباً إلا الحسن فقرأ : كتاب على أنه فاعل يخرج . وقرأت فرقة : ويخرج بضم الياء وكسر الراء أي ويخرج الله . وقرأ الجمهور ) يَلْقَاهُ ( بفتح الياء وسكون اللام . وقرأ ابن عامر وأبو جعفر والحجدري والحسن بخلاف عنه ) يَلْقَاهُ ( بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف . ) مَنْشُوراً ( غير مطوي ليمكنه قراءته ، و ) يَلْقَاهُ ( و ) مَنْشُوراً ( صفتان لكتاب ، ويجوز أن يكون ) مَنْشُوراً ( حالاً من مفعول يلقاه
الإسراء : ( 14 ) اقرأ كتابك كفى . . . . .
( اقْرَأْ كَتَابَكَ ( معمول لقول محذوف أي يقال له : ) اقْرَأْ كَتَابَكَ ). وقال قتادة : يقرأ ذلك اليوم من لم يكن في الدنيا قارئاً . وقال الزمخشري وغيره . و ) بنفسيك ( فاعل ) قُلْ كَفَى ( انتهى . وهذا مذهب الجمهور والباء زائدة على سبيل الجواز لا اللزوم ، ويدل عليه أنه إذا حذفت ارتفع ذلك الاسم بكفى . قال الشاعر .
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً
وقال الآخر : ويخبرني عن غائب المرء هديه
كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا وقيل : فاعل ) كَفَى ( ضمير يعود على الاكتفاء ، أي كفى هو أي الاكتفاء بنفسك . وقيل : ) كَفَى ( اسم فعل بمعنى اكتف ، والفاعل مضمر يعود على المخاطب ، وعلى هذين القولين لا تكون الباء زائدة . وإذا فرعنا على قول الجمهور أن ) بِنَفْسِكَ ( هو فاعل ) كَفَى ( فكان القياس أن تدخل تاء التأنيث لتأنيث الفاعل ، فكان يكون التركيب كفت بنفسك كما تلحق مع زيادة من في الفاعل إذا كان مؤنثاً ، كقوله تعالى : ) مَا ءامَنَتْ قَبْلَهُمْ مِن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ( وقوله : ) وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ ( ولا نحفظه جاء التأنيث في كفى إذا كان الفاعل مؤنثاً مجروراً بالباء ، والظاهر أن المراد ) بِنَفْسِكَ ( ذاتك أي ) كَفَى ( بك . وقال مقاتل : يريد بنفسه جوارحه تشهد عليه إذا أنكر . وقال أبو عبيدة أي ما أشد كفاية ما علمت بما علمت . ) وَالْيَوْمِ ( منصوب بكفى و ) عَلَيْكَ ( متعلق بحسيباً . ومعنى ) حَسِيباً ( حاكماً عليك بعملك قاله الحسن . قال : يا ابن آدم لقد أنصفك الله وجعلك حسيب نفسك . وقال الكلبي : محاسباً يعني فعيلاً بمعنى مفاعل كجليس وخليط . وقيل : حاسباً كضريب القداح أي ضاربها ، وصريم بمعنى صارم يعني أنه بناء مبالغة كرحيم وحفيظ ، وذكر ) حَسِيباً ( لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير ، لأن الغالب أن هذه الأمور يتولاها الرجل ، وكأنه قيل : كفى بنفسك رجلاً حسيباً . وقال الأنباري : وإنما قال ) حَسِيباً ( والنفس مؤنثة لأنه يعني بالنفس الشخص ، أو لأنه لا علامة للتأنيث في لفظ النفس ، فشبهت بالسماء والأرض قال

الصفحة 14