" صفحة رقم 15 "
تعالى : ) السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ ). وقال الشاعر :
ولا أرض أبقل ابقالها
الإسراء : ( 15 ) من اهتدى فإنما . . . . .
( مَّنِ اهْتَدَى ( الآية قالت فرقة : نزلت الإشارة في الهدى إلى أبي سلمة بن عبد الأسود ، وفي الضلال إلى الوليد بن المغيرة . وقيل : نزلت في الوليد هذا قال : يا أهل مكة اكفروا بمحمد وإثمكم عليّ ، وتقدم تفسير ) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ( في آخر الأنعام ) وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً غَيّاً ( انتفاء التعذيب ببعثة الرسول عليه السلام ، والمعنى حتى يبعث رسولاً فيكذب ولا يؤمن بما جاء به من عند الله ، وانتفاء التعذيب أعم من أن يكون في الدنيا بالهلاك وغيره من العذاب أو في الآخرة بالنار فهو يشملهما ، ويدل على الشمول قوله في الهلاك في الدنيا بعد هذه الآية ) وَإِذَا أَرَدْنَا ( وفي الآخرة ) فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ( وآي كثيرة نص فيها على الهلاك في الدنيا بأنواع من العذاب حين كذبت الرسل . وقوله في عذاب الآخرة كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها : ألم يأتكم نذير ؟ وقالوا : بلى قد جاءنا نذير ، وكلما تدل على عموم أزمان الإلقاء فتعم الملقين . وقوله : ) وَإِن مّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ مّن نَّذِيرٍ ( وذهب الجمهور إلى أن هذا في حكم الدنيا ، أي أن الله لا يهلك أمّة بعذاب إلا من بعد الرسالة إليهم والإنذار .
قال الزمخشري : فإن قلت الحجة لازمة لهم قبل بعثة الرسول لأن معهم أدلة العقل التي بها يعرف الله وقد أغفلوا النظر وهم متمكنون منه ، واستيجابهم العذاب لإغفالهم النظر فيما معهم ركونهم لذلك الإغفال الشرائع التي لا سبيل إليها إلا بالتوقيف والعمل بها لا يصح إلا بعد الإيمان . قلت : بعثة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة لئلا يقولوا كنا غافلين ، فلو لا بعثت إلينا رسولاً ينبهنا علي النظر في أدلة العقل انتهى . وقال مقاتل : المعنى وما كنا مستأصلين في الدنيا لما اقتضته الحكمة الإلهية حتى يبعث رسولاً إقامة للحجة عليهم وقطعاً للعذر عنهم ، كما فعلنا بعاد وثمود والمؤتفكات وغيرها .
الإسراء : ( 16 ) وإذا أردنا أن . . . . .
( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا تَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الاْخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ مَحْظُورًا انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلاْخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءاخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً ).
لما ذكر تعالى أنه لا يعذب أحداً حتى يبعث إليه رسولاً بين بعد ذلك علة إهلاكهم وهي مخالفة أمر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) والتمادي على الفساد . وقال الزمخشري : ) وَإِذَا أَرَدْنَا ( وقت إهلاك قوم ولم يبق من زمان إهلاكهم إلاّ قليل انتهى . فتؤول ) أَرَدْنَا ( على معنى دنا وقت إهلاكهم وذلك على مذهب الاعتزال . وقرأ الجمهور أمرنا ، وفي هذه القراءة قولان :
أحدهما : وهو الظاهر أنه من الأمر الذي هو ضد النهي ، واختلف في متعلقة فذهب الأكثرون منهم ابن عباس وابن جبير إلى أن التقدير أمرناهم بالطاعة فعصوا وفسقوا . وذهب الزمخشري إلى أن التقدير أمرناهم بالفسق ففسقوا ورد على من قال أمرناهم بالطاعة فقال : أي أمرناهم بالفسق ففعلوا ، والأمر مجاز لأن حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم افسقوا وهذا لا يكون ، فبقي أن يكون مجازاً ، ووجه المجاز أنه صب عليهم النعمة صباً فجعلوها ذريعة إلى المعاصي