كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 20 "
من دون أن تلتقي الأركاب
ويقعد الأير له لعاب
وحكى الكسائي : قعد لا يسأل حاجة إلاّ قضاها بمعنى صار ، فالزمخشري أخذ في الآية بقول الفراء ، والقعود هنا عبارة عن المكث أي فيمكث في الناس ) مَذْمُومًا مَّخْذُولاً ( كما تقول لمن سأل عن حال شخص هو قاعد في أسوأ حال ، ومعناه ماكث ومقيم ، وسواء كان قائماً أم جالساً ، وقد يراد القعود حقيقة لأن من شأن المذموم المخذول أن يقعد حائراً متفكراً ، وعبر بغالب حاله وهي القعود . وقيل : معنى ) فَتَقْعُدَ ( فتعجز ، والعرب تقول : ما أقعدك عن المكارم والذمّ هنا لا حق من الله تعالى ، ومن ذوي العقول في أن يكون الإنسان يجعل عوداً أو حجراً أفضل من نفسه ويخصه بالكرامة وينسب إليه الألوهية ويشركه مع الله الذي خلقه ورزقه وأنعم عليه ، والخذلان في هذا يكون بإسلام الله ولا يكفل له بنصر ، والمخذول الذي لا ينصره من يجب أن ينصره . وانتصب ) مَذْمُومًا مَّخْذُولاً ( على الحال ، وعند الفراء والزمخشري على أنه خبر لتقعد كلا لمذكرين مثنى معنى اتفاقاً مفرداً لفظاً عند البصريين على وزن فعل كمعي فلامه ألف منقلبة عن واو عند الأكثر ، مثنى لفظاً عند الكوفيين ، وتبعهم السهيلي فألفه للتثنية لا أصل ولامه لام محذوفة عند السهيلي ولا نص عن الكوفيين فيها ، ويحتمل أن تكون موضوعة على حرفين على أصل مذهبهم ، ولا تنفك عن الإضافة وإن أضيف إلى مظهر فألفه ثابتة مطلقاً في مشهور اللغات ، وكنانة تجعله كمشهور المثنى أو إلى مضمر ، فالمشهور قلب ألفه ياء نصباً وجراً ، والذي يضاف إليه مثنى أو ما في معناه . وجاء التفريق في الشعر مضافاً فالظاهر وحفظ الكوفيون كلاي وكلاك قاماً ويستعمل تابعاً توكيداً ومبتدأ ومنصوباً ومجروراً ، ويخبر عنه إخبار المفرد فصيحاً ، وربما وجب ، وإخبار المثنى قليلاً وربما وجب .
2 ( ) وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلاٌّ وَّابِينَ غَفُوراً وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُوراً إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآء

الصفحة 20