كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 37 "
على هذا المعنى محذوف وهي هذه الأشياء أي : صرّفنا الأمثال والعبر والحكم والأحكام والأعلام . وقيل : المعنى لم ننزله مرة واحدة بل نجوماً ومعناه أكثرنا صرف جبريل إليك والمفعول محذوف أي ) صَرَفْنَا ( جبريل .
وقيل : ) فِى ( زائدة أي ) صَرَفْنَا ( ) هَاذَا الْقُرْءانُ ( كما قال ) وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى ( وهذا ضعيف لأن في لا تزاد . وقال الزمخشري : يجوز أن يريد بهذا القرآن إبطال إضافتهم إلى الله البنات لأنه مما صرفه وكرر ذكره ، والمعنى ولقد ) صَرَفْنَا ( القول في هذا المعنى ، وأوقعنا التصريف فيه وجعلناه مكاناً للتكرير ، ويجوز أن يشير بهذا ) الْقُرْءانَ ( إلى التنزيل ، ويريد ولقد صرفناه يعني هذا المعنى في مواضع من التنزيل ، فترك الضمير لأنه معلوم انتهى . فجعل التصريف خاصاً بما دلت عليه الآية قبله وجعل مفعول ) صَرَفْنَا ( أما القول في هذا المعنى أو المعنى وهو الضمير الذي قدره في صرفناه وغيره جعل التصريف عامّاً في أشياء فقدر ما يشمل ما سيق له ما قبله وغيره . وقرأ الحسن بتخفيف الراء . فقال صاحب اللوامح : هو بمعنى العامة يعني بالعامة قراءة الجمهور ، قال ؛ لأن فعل وفعل ربما تعاقبا على معنى واحد . وقال ابن عطية : على معنى صرفنا فيه الناس إلى الهدى بالدعاء إلى الله .
وقرأ الجمهور ) لّيَذْكُرُواْ ( أي ليتذكروا من التذكير ، أدغمت التاء في الذال . وقرأ الأخوان وطلحة وابن وثاب والأعمش ليذكروا بسكون الذال وضم الكاف من الذكر أو الذكر ، أي ليتعظوا ويعتبروا وينظروا فيما يحتج به عليهم ويطمئنوا إليه ) وَمَا يَزِيدُهُمْ ( أي التصريف ) إِلاَّ نُفُورًا ( أي بعداً وفراراً عن الحق كما قال : ) فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ( وقال : ) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ ( والنفور من أوصاف الدواب الشديدة الشماس ،
الإسراء : ( 42 ) قل لو كان . . . . .
ولما ذكر تعالى نسبة الولد إليهم ورد عليهم في ذلك ذكر قولهم إنه تعالى معه آلهة وردَّ عليهم .
وقرأ ابن كثير وحفص ) كَمَا يَقُولُونَ ( بالياء من تحت ، والجمهور بالتاء . ومعنى ) لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِى الْعَرْشِ سَبِيلاً ( إلى مغالبته وإفساد ملكه لأنهم شركاؤه كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض . وقال هذا المعنى أو مثله ابن جبير وأبو عليّ الفارسي والنقاش والمتكلمون أبو منصور وغيره ، وعلى هذا تكون الآية بياناً للتمانع كما في قوله ) لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ( ويأتي تفسيرها إن شاء الله تعالى . وقال قتادة ما معناه : لابتغوا إلى التقرب إلى ذي العرش والزلفى لديه ، وكانوا يقولون : إن الأصنام تقربهم إلى الله فإذا علموا أنها تحتاج إلى الله فقد بطل كونها آلهة ، ويكون كقوله ) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ ( أيهم أقرب ، والكاف من ) كَمَا ( في موضع نصب . وقال الحوفي : متعلقة بما تعلقت به مع وهو الاستقرار و ) مَعَهُ ( خبر كان . وقال أبو البقاء : كوناً لقولكم .
وقال الزمخشري : و ) إِذَا ( دالة على أن ما بعدها وهو ) لاَّبْتَغَوْاْ ( جواب عن مقالة المشركين وجزاء للو انتهى .
الإسراء : ( 43 ) سبحانه وتعالى عما . . . . .
وعطف ) وَتَعَالَى ( على قوله ) سُبْحَانَهُ ( لأنه اسم قام مقام المصدر الذي هو في معنى الفعل ، أي براءة الله وقدر تنزه

الصفحة 37