" صفحة رقم 374 "
تقديره ) إِنَّكُمْ ( تبعثون ) إِذَا مِتٌّ مْ ( وهذا الخبر المحذوف هو العامل في ) إِذَا ( وذهب الفراء والجرمي والمبرد إلى أن ) إِنَّكُمْ ( الثانية كررت للتأكيد لما طال الكلام حسن التكرار ، وعلى هذا يكون ) مُّخْرَجُونَ ( خبر ) إِنَّكُمْ ( الأولى ، والعامل في ) إِذَا ( هو هذا الخبر ، وكان المبرد يأبى البدل لكونه من غير مستقبل إذ لم يذكر خبر أن الأولى . وذهب الأخفش إلى أن ) أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ ( مقدر بمصدر مرفوع بفعل محذوف تقديره : يحدث إخراجكم فعلى هذا التقدير يجوز أن تكون الجملة الشرطية خبراً لأنكم ، ويكون جواب ) إِذَا ( ذلك الفعل المحذوف ، ويجوز أن يكون ذلك الفعل المحذوف هو خبر ) إِنَّكُمْ ( ويكون عاملاً في ) إِذَا ).
وذكر الزمخشري قول المبرد بادئاً به فقال : شيء ) إِنَّكُمْ ( للتوكيد ، وحسن ذلك الفصل ما بين الأول والثاني بالظرف و ) مُّخْرَجُونَ ( خبر عن الأول وهذا قول المبرد . قال الزمخشري : أو جعل ) أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ ( مبتدأ و ) إِذَا مِتٌّ مْ ( خبراً على معنى إخراجكم إذا متم ، ثم أخبر بالجملة عن ) إِنَّكُمْ ( انتهى . وهذا تخريج سهل لا تكلف فيه . قال : أو رفع ) أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ ( بفعل هو جزاء الشراط كأنه قيل ) إِذَا مِتٌّ مْ ( وقع إخراجكم انتهى . وهذا قول الأخفش إلا أنه حتم أن تكون الجملة الشرطية خبراً عن ) إِنَّكُمْ ( ونحن جوزنا في قول الأخفش هذا الوجه ، وأن يكون خبر ) إِنَّكُمْ ( ذلك الفعل المحذوف وهو العامل في ) إِذَا ( وفى قراءة عبد الله ) أَيَعِدُكُمْ ( ) إِذَا مِتٌّ مْ ( بإسقاط ) إِنَّكُمْ ( الأولى .
وقرأ الجمهور ) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ( بفتح التاءين وهي لغة الحجاز . وقرأ هارون عن أبي عمرو بفتحهما منونتين ونسبها ابن عطية لخالد بن إلياس . وقرأ أبو حيوة بضمهما من غير تنوين ، وعنه عن الأحمر بالضم والتنوين وافقه أبو السماك في الأول وخالفه في الثاني . وقرأ أبو جعفر وشيبة بكسرهما من غير تنوين ، وروي هذا عن عيسى وهي في تميم وأسد وعنه أيضاً ، وعن خالد بن إلياس بكسرهما والتنوين . وقرأ خارجة بن مصعب عن أبي عمرو والأعرج وعيسى أيضاً بإسكانهما ، وهذه الكلمة تلاعبت بها العرب تلاعباً كبيراً بالحذف والإبدال والتنوين وغيره ، وقد ذكرنا في التكميل لشرح التسهيل ما ينيف على أربعين لغة ، فالذي اختاره أنها إذا نونت وكسرت أو كسرت ولم تنون لا تكون جمعاً لهيهات ، ومذهب سيبويه أنها جمع لهيهات وكان حقها عنده أن تكون ) هَيْهَاتَ ( إلاّ أن ضعفها لم يقتض إظهار الباء قال سيبويه ، هي مثل بيضات يعني في أنها جمع ، فظن بعض النحاة أنه أراد في اتفاق المفرد ، فقال واحد : هيهات هيهة ، وتحرير هذا كله مذكور في علم النحو ولا تستعمل هذه الكلمة غالباً إلاّ مكررة ، وجاءت غير مكررة في قول جرير :
وهيهات خل بالعقيق نواصله وقول رؤبة :
هيهات من متحرق هيهاؤه و ) هَيْهَاتَ ( اسم فعل لا يتعدى برفع الفاعل ظاهراً أو مضمراً ، وهنا جاء التركيب ) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ( لم يظهر الفاعل فوجب ن يعتقد إضمار تقديره هو أي إخراجكم ، وجاءت اللام للبيان أي أعني لما توعدون كهي بعد بعد سقياً لك فتتعلق بمحذوف وبنيت المستبعد ما هو بعد اسم الفعل الدال على البعد كما جاءت في ) هَيْتَ لَكَ ( لبيان المهيت به . وقال الزجاج : البعد ) لِمَا تُوعَدُونَ ( أو بعد ) لِمَا تُوعَدُونَ ( وينبغي أن يجعل كلامه تفسير معنى لا تفسير إعراب لأنه لم تثبت مصدرية ) هَيْهَاتَ ( وقول الزمخشري : فمن نونه نزله منزلة المصدر ليس بواضح لأنهم قد نونوا أسماء الأفعال ، ولا نقول إنها إذا نونت تنزلت منزلة المصدر . وقال ابن عطية : طوراً تلي الفاعل دون لام تقول هيهات مجيء زيد أي بعد ، وأحياناً يكون الفاعل محذوفاً وذلك عند اللام كهذه الآية التقدير بعد الوجود ) لِمَا تُوعَدُونَ ( انتهى . وهذا ليس بجيد لأن فيه حذف الفاعل ، وفيه أنه مصدر حذف وأبقى معموله ولا يجيز البصريون شيئاً من هذا . وقال ابن عطية أيضاً في قراءة من ضم ونون أنه اسم معرب مستقل ، وخبره ) لِمَا تُوعَدُونَ ( أي البعد لوعدكم كما تقول : النجح لسعيك . وقال صاحب اللوامح : فأما من قال ) هَيْهَاتَ ( فرفع ونون احتمل أن يكونا