كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 417 "
وكلامهم كلام من لم يمعن في لسان العرب .
فإن قلت : قوله ) إِكْرَاهِهِنَّ ( مصدر أضيف إلى المفعول والفاعل مع المصدر محذوف ، والمحذوف كالملفوظ والتقدير من بعد إكراههم إياهنّ والربط يحصل بهذا المحذوف المقدر فلتجز المسألة قلت : لم يعدوا في الروابط الفاعل المحذوف ، تقول : هند عجبت من ضربها زيداً فتجوز المسألة ، ولو قلت هند عجبت من ضرب زيداً لم تجز . ولما قدر الزمخشري في أحد تقدير أنه لهن أورد سؤالاً فإن قلت : لا حاجة إلى تعليق المغفرة بهن لأن المكرهة على الزنا بخلاف المكره عليه في أنها غير آثمة قلت : لعل الإكراه كان دون ما اعتبرته الشريعة من إكراه بقتل أو بما يخاف منه التلف أو ذهاب العضو من ضرب عنيف وغيره حتى يسلم من الإثم ، وربما قصرت عن الحد الذي تعذر فيه فتكون آثمة انتهى . وهذا السؤال والجواب مبنيان على تقدير لهنّ .
النور : ( 34 ) ولقد أنزلنا إليكم . . . . .
وقرأ ) مُبَيّنَاتٍ ( بفتح الياء الحرميان وأبو عمرو وأبو بكر أي بيَّن الله في هذه السورة وأوضح آيات تضمنت أحكاماً وحدوداً وفرائض ، فتلك الآيات هي المبينة ، ويجوز أن يكون المراد مبيناً فيها ثم اتسع فيكون المبين في الحقيقة غيرها . وهي ظرف للمبين . وقرأ باقي السبعة والحسن وطلحة والأعمش بكسر الياء ، فإما أن تكون متعدية أي ) مُبَيّنَاتٍ ( غيرها من الأحكام والحدود ، فأسند ذلك إليها مجاذاً ، وإما أن تكون لا تتعدى أي بينات في نفسها لا تحتاج إلى موضح بل هي واضحة لقولهم في المثل . قد بيَّن الصبح لذي عينين . أي قد ظهر ووضح . وقوله ) وَمَثَلاً ( معطوف على آيات ، فيحتمل أن يكون المعنى ) وَمَثَلاً ( من أمثال الذين من قبلكم ، أي قصة غريبة من قصصهم كقصة يوسف ومريم في براءتهما لبراءة من رميت بحديث الإفك لينظروا قدرة الله في خلقه وصنعه فيه فيعتبروا . وقال الضحاك : والمراد بالمثل ما في التوراة والإنجيل من إقامة الحدود ، فأنزل في القرآن مثله . وقال مقاتل : أي شبهاً من حالهم في تكذيب الرسل أي بينا لكم ما أحللنا بهم من العذاب لتمردهم ، فجعلنا ذلك مثلاً لكم لتعلموا أنكم إذا شاركتموهم في المعصية كنتم مثلهم في استحقاق العقاب . ) وَمَوْعِظَةً لّلْمُتَّقِينَ ( أي ما وعظ في الآيات والمثل من نحو قوله ) وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ( ) وَلا أَذًى سَمِعْتُمُوهُ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً ( وخص المتقين لأنهم المنتفعون بالموعظة .
2 ( ) اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِى زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا

الصفحة 417