كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 421 "
بالنبوة قدر يهدي الله إلى نبوته . وقيل : إلى الاستدلال بالآيات ، ثم ذكر تعالى أنه يضرب الأمثال للناس ليقع لهم العبرة والنظر المؤدّي إلى الإيمان ، ثم ذكر إحاطة علمه بالأشياء فهو يضع هداه عند من يشاء . ) فِى بُيُوتٍ ( متعلق بيوقد قاله الرماني ، أو في موضع الصفة لقوله ) كَمِشْكَاةٍ ( أي كمشكاة في بيوت قاله الحوفي ، وتبعه الزمخشري قال ) كَمِشْكَاةٍ ( في بعض بيوت الله وهي المساجد . وقال ) مَثَلُ نُورِهِ ( كما ترى في المسجد نور المشكاة التي من صفتها كيت وكيت انتهى . وقوله كأنه إلى آخره تفسير معنى لا تفسير إعراب أو في موضع الصفة لمصباح أي مصباح ) فِى بُيُوتٍ ( قاله بعضهم أو في موضع الصفة لزجاجة قاله بعضهم ، وعلى هذه الأقوال الأربعة لا يوقف على قوله ) عَلِيمٌ ). وقيل : ) فِى بُيُوتٍ ( مستأنف والعامل فيه ) يُسَبّحُ ( حكاه أبو حاتم وجوزه الزمخشري . فقال : وقد ذكر تعلقه بكمشكاة قال : أو بما بعده وهو ) يُسَبّحُ ( أي ) يُسَبّحُ لَهُ ( رجال في بيوت وفيها تكرير كقولك زيد في الدار جالس فيها أو بمحذوف كقوله ) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى ( أي سبحوا في بيوت انتهى . وعلى هذا الأقوال الثلاثة يوقف على قوله ) عَلِيمٌ ( والذي اختاره أن يتعلق ) فِى بُيُوتٍ ( بقوله ) يُسَبّحُ ( وإن ارتباط هذه بما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر أنه يهدي لنوره من يشاء ذكر حال من حصلت له الهداية لذلك النور وهم المؤمنون ، ثم ذكر أشرف عبادتهم القلبية وهو تنزيههم الله عن النقائص وإظهار ذلك بالتلفظ به في مساجد الجماعات ، ثم ذكر سائر أوصافهم من التزام ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وخوفهم ما يكون في البعث . ولذلك جاء مقابل المؤمنين وهم الكفار في قوله ) وَالَّذِينَ كَفَرُواْ ( وكأنه لما ذكرت الهداية للنور جاء في التقسيم لقابل الهداية وعدم قابلها ، فبدىء بالمؤمن وما تأثر به من أنواع الهدى ثم ذكر الكافر .
النور : ( 36 ) في بيوت أذن . . . . .
والظاهر أن قوله ) فِى بُيُوتٍ ( أريد به مدلوله من الجمعية .
وقال الحسن : أريد به بيت المقدس ، وسمى بيوتاً من حيث فيه يتحيز بعضها عن بعض ، ويؤثر أن عادة بني إسرائيل في وقيده في غاية التهمم والزيت مختوم على ظروفه وقد صنع صنعة وقدس حتى لا يجري الوقيد بغيره ، فكان أضوأ بيوت الأرض . والظاهر أن ) فِى بُيُوتٍ ( مطلق فيصدق على المساجد والبيوت التي تقع فيها الصلاة والعلم . وقال مجاهد : بيوت الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) . وقال ابن عباس والحسن أيضاً ومجاهد : هي المساجد التي من عادتها أن تنور بذلك النوع من المصابيح . وقيل : الكعبة وبيت المقدس ومسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ومسجد قباء . وقيل : بيوت الأنبياء . ويقوي أنها المساجد قوله ) يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاْصَالِ ( وإذنه تعالى وأمره بأن ) تُرْفَعَ ( أي يعظم قدرها قاله الحسن والضحاك . وقال ابن عباس ومجاهد : تبنى وتعلى من قوله ) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ). وقيل : ) تُرْفَعَ ( تظهر من الأنجاس والمعاصي . وقيل : ) تُرْفَعَ ( أي ترفع فيها الحوائج إلى الله . وقيل : ) تُرْفَعَ ( الأصوات بذكر الله وتلاوة القرآن .
( وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ( ظاهره مطلق الذكر فيعم كل ذكر عموم البدل . وعن ابن عباس : توحيده وهو لا إله إلاّ الله . وعنه : يتلى فيها كتابه . وقيل : أسماؤه الحسنى . وقيل : يصلى فيها . وقرأ الجمهور ) يُسَبّحُ ( بكسر الباء وبالياء من تحت ، وابن وثاب وأبو حيوة كذلك إلاّ أنه بالتاء من فوق ، وابن عامر وأبو بكر والبحتري عن حفص ومحبوب عن أبي عمرو والمهال عن يعقوب والمفضل وأبان بفتحها وبالياء من تحت واحد المجرورات في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله ، والأولى الذي يلي الفعل لأن طلب الفعل للمرفوع أقوى من طلبه للمنصوب الفضلة . وقرأ أبو جعفر : تسبح بالتاء من فوق وفتح الباء .
وقال الزمخشري : ووجهها أن تسند إلى أوقات الغدو والآصال على زيادة الباء ، وتجعل الأوقات مسبحة . والمراد بها كصيد عليه يومان والمراد وحشهما انتهى . ويجوز أن يكون المفعول الذي لم يسم فاعله ضمير التسبيحة الدال عليه ) تُسَبّحُ ( أي تسبح له هي أي التسبيحة كما قالوا ) لِيَجْزِىَ قَوْماً ( في قراءة من بناء للمفعول أي ليجزي هو أي الجزاء .
وقرأ أبو مجلز : والإيصال وتقدم نظيره
النور : ( 37 ) رجال لا تلهيهم . . . . .
وارتفع ) رِجَالٌ ( على هاتين القراءتين على الفاعلية بإضمار فعل أي ) يُسَبّحُ ( أو يسبح له رجال . واختلف في اقتياس هذا ، فعلى اقتياسه نحو ضربت هند زيد أي ضربها زيد ، ويجوز أن

الصفحة 421