" صفحة رقم 451 "
فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ( واللام في لقد جواب قسم محذوف و ) عَتَوْاْ ( تجاوزوا الحد في الظلم ووصفه بكبير مبالغة في إفراطه أي لم يجسروا على هذا القول العظيم إلاّ لأنهم بلغوا غاية الاستكبار وأقصى العتو . وجاء هنا ) عَتَوْاْ ( على الأصل وفي مريم ) عِتِيّاً ( على استثقال اجتماع الواوين والقلب لمناسبة الفواصل . قال ابن عباس ) عَتَوْاْ ( كفروا أشد الكفر وأفحشوا . وقال عكرمة : تجبروا . وقال ابن سلام : عصوا . وقال ابن عيسى : أسرفوا . قال الزمخشري : هذه الجملة في حسن استيفائها غاية في أسلوبها . ونحوه قول القائل : وجارة جساس أبأنا بنابها
كليباً غلت ناب كليب بواؤها
في نحو هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ تعجب ، ألا ترى أن المعنى ما أشدّ استكبارهم وما أكثر عتوهم وما أغلى نابا بواؤها كليب .
الفرقان : ( 22 ) يوم يرون الملائكة . . . . .
( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَئِكَةَ ( ) يَوْمٍ ( منصوب ب ( اذكر ) وهو أقرب أو بفعل يدل عليه ) لا ( أي يمنعون البشرى ولا يعمل فيه ) الْمَلَئِكَةَ لاَ بُشْرَى ( لأنه مصدر ولأنه منفي بلا التي لنفي الجنس لأنه لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وكذا الداخلة على الأسماء عاملة عمل ليس ، ودخول ) لا ( على ) بُشْرىً ( لانتفاء أنواع البشرى وهذا اليوم الظاهر أنه يوم القيامة لقوله بعد ) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُواْ ( وعن ابن عباس : عند الموت والمعنى أن هؤلاء الذين اقترحوا نزول الملائكة لا يعرفون ما يكون لهم إذا رأوهم من الشر وانتفاء البشارة وحصول الخسار والمكروه . واحتمل ) بُشْرىً ( أن يكون مبنياً مع ) لا ( واحتمل أن يكون في نية التنوين منصوب اللفظ ، ومنع من الصرف للتأنيث اللازم فإن كان مبنياً مع ) لا ( احتمل أن يكون الخبر ) يَوْمَئِذٍ ( خبر بعد خبر أو نعت لبشرى ، أو متعلق بما تعلق به الخبر ، وأن يكون ) فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ( صفة لبشرى ، والخبر ) لّلْمُجْرِمِينَ ( ويجيء خلاف سيبويه والأخفش هل الخبر لنفس ) لا ( أو الخبر للمبتدأ الذي هو مجموع ) لا ( وما بني معها ؟ وإن كان في نية التنوين وهو معرب جاز أن يكون ) يَوْمَئِذٍ ( معمولاً لبشرى ، وأن يكون صفة ، والخبر من الخبر . وأجاز أن يكون ) يَوْمَئِذٍ ( و ) لّلْمُجْرِمِينَ ( خبر وجاز أن يكون ) يَوْمَئِذٍ ( خبراً و ) لّلْمُجْرِمِينَ ( صفة ، والخبر إذا كان الاسم ليس مبنياً لنفس لا بإجماع .
وقال الزمخشري : و ) يَوْمَئِذٍ ( للتكرير وتبعه أبو البقاء ، ولا يجوز أن يكون تكريراً سواء أريد به التوكيد اللفظي أم أريد به البدل ، لأن ) يَوْمٍ ( منصوب بما تقدم ذكره من اذكر أو من يعدمون البشرى وما بعد ) لا ( العاملة في الاسم لا يعمل فيه ما قبلها وعلى تقديره يكون العامل فيه ما قبل إلاّ والظاهر عموم المجرمين فيندرج هؤلاء القائلون فيهم . قيل : ويجوز أن يكون من وضع الظاهر موضع الضمير ، والظاهر أن الضمير في ) وَيَقُولُونَ ( عائد على القائلين لأن المحدث عنهم كانوا يطلبون نزول الملائكة ، ثم إذا رأوهم كرهوا لقاءهم وفزعوا منهم لأنهم لا يلقونهم إلاّ بما يكرهون فقالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدو ونزول الشدة وقال معناه مجاهد قال ) حِجْراً ( عواذاً يستعيذون من الملائكة . وقال مجاهد وابن جريج : كانت العرب إذا كرهت شيئاً قالوا حجراً . وقال أبو عبيدة : هاتان اللفظتان عوذة للعرب يقولهما من خاف آخر في الحرم أو في شهر حرام إذا لقيه وبينهما ترة انتهى . ومنه قول المتلمس : حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها
حجر حرام ألا تلك الدهايس أي هذا الذي حننت إليه هو ممنوع ، وذكر سيبويه ) حِجْراً ( في المصادر المنصوبة غير المتصرفة . وقال بعض الرجاز :