" صفحة رقم 47 "
إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيّينَ عَلَى بَعْضٍ وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً ).
قيل : سبب نزولها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شتمه بعض الكفرة ، فسبه عمر وهم بقتله فكاد يثير فتنة فنزلت الآية وهي منسوخة بآية السيف ، وارتباطها بما قبلها أنه لما تقدم ما نسب الكفار لله تعالى من الولد ، ونفورهم عن كتاب الله إذا سمعوه ، وإيذاء الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) ونسبته إلى أنه مسحور ، وإنكار البعث كان ذلك مدعاة لإيذاء المؤمنين ومجلبة لبغض المؤمنين إياهم ومعاملتهم بما عاملوهم ، فأمر الله تعالى نبيه أن يوصي المؤمنين بالرفق بالكفار واللطف بهم في القول ، وأن لا يعاملوهم ، فأمر الله تعالى نبيه أن يوصي المؤمنين بالرفق بالكفار واللطف بهم في القول ، وأن لا يعاملوهم بمثل أفعالهم وأقوالهم ، فعلى هذا يكون المعنى ) قُل لّعِبَادِىَ ( المؤمنين ) يَقُولُواْ ( للمشركين الكلم ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ). وقيل : المعنى ) يَقُولُواْ ( أي يقول بعض المؤمنين لبعض الكلم التي هي أحسن أي يجل بعضهم بعضاً ويعظمه ، ولا يصدر منه إلاَّ الكلام الطيب والقول الجميل ، فلا يكونوا مثل المشركين في معاملة بعضهم بعضاً بالتهاجي والسباب والحروب والنهب للأموال والسبي للنساء والذراري .
وقيل : عبادي هنا المشركون إذ المقصود هنا الدعاء إلى الإسلام ، فخوطبوا بالخطاب الحسن ليكون ذلك سبباً إلى قبول الدين فكأنه قيل : قل للذين أقروا أنهم عباد لي يقولوا ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ( وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الولد واتخاذ الملائكة بنات فإن ذلك من نزغ الشيطان وسوسته وتحسينه . وقيل : عبادي شامل للفريقين المؤمنين والكافرين على ما يأتي تفسير ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ( والذي يظهر أن لفظة عبادي مضافة إليه تعالى كثر استعمالها في المؤمنين في القرآن كقوله ) فَبَشّرْ عِبَادِى الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ( ) فَادْخُلِى فِى عِبَادِى عَيْناً ( ) يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ).
و ) قُلْ ( خطاب للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، وهو أمر ، ومعمول القول محذوف تقديره قولوا ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ( وانجزم ) يَقُولُواْ ( على أنه جواب للأمر الذي هو قل قاله الأخفش ، وهو صحيح المعنى على تقدير أن يكون عبادي يراد به المؤمنون لأنهم لمسارعتهم لامتثال أمر الله تعالى بنفس ما يقول لهم ذلك قالوا ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ). وعن سيبويه إنه انجزم على جواب لشرط محذوف ، أي إن يقل لهم ) يَقُولُواْ ( فيكون في قوله حذف معمول القول وحذف الشرط الذي ) يَقُولُواْ ( جوابه . وقال المبرد : انجزم جواباً للأمر الذي هو معمول ) قُلْ ( أي قولوا ) الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ( ) يَقُولُواْ ). وقيل معمول ) قُلْ ( مذكور لا محذوف وهو ) يَقُولُواْ ( على تقدير لام الأمر وهو مجزوم بها قاله الزجاج . وقيل : ) يَقُولُواْ ( مبني وهو مضارع حل محل المبني الذي هو فعل الأمر فبني ، والمعنى ) قُل لّعِبَادِىَ ( قولوا قاله المازني ، وهذه الأقوال جرت في قوله ) قُل لّعِبَادِىَ الَّذِينَ ءامَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ ( وترجيح ما ينبغي أن يرجح مذكور