كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 6)

" صفحة رقم 473 "
تضحك مني أخت ذات النحيين
أبد لك الله بلون لونين
سواد وجه وبياض عينين
الفرقان : ( 71 ) ومن تاب وعمل . . . . .
الظاهر أن ) وَمَن تَابَ ( أي أنشأ التوبة فإنه يتوب إلى الله أي يرجع إلى ثوابه وإحسانه . قال ابن عطية ) وَمَن تَابَ ( فإنه قد تمسك بأمر وثيق . كما تقول لمن يستحسن قوله في أمر : لقد قلت يا فلان قولاً فكذلك الآية معناها مدح المتاب ، كأنه قال : فإنه يجد الفرج والمغفرة عظيماً . وقال الزمخشري : ومن يترك المعاصي ويندم عليها ويدخل في العمل الصالح فإن بذلك تائب إلى الله الذي يعرف حق التائبين ، ويفعل بهم ما يستوجبون ، والله يحب التوّابين ويحب المتطهرين . وقيل : من عزم على التوبة فإنه يتوب إلى الله فليبادر إليها ويتوجه بها إلى الله . وقيل ) مَن تَابَ ( من ذنوبه فإنه يتوب إلى من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات . وقيل : ) وَمَن تَابَ ( استقام على التوبة فإنه يتوب إلى الله أي فهو التائب حقاً عند الله .
الفرقان : ( 72 ) والذين لا يشهدون . . . . .
( وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ ( عاد إلى ذكر أوصاف ) عِبَادُ الرَّحْمَنِ ( والظاهر أن المعنى لا يشهدون بالزور أو شهادة الزور ، قاله عليّ والباقر فهو من الشهادة . وقيل : المعنى لا يحضرون من المشاهدة والزور الشرك والصنم أو الكذب أو آلة الغناء أو أعياد النصارى . أو لعبة كانت في الجاهلية أو النوح أو مجالس يعاب فيها الصالحون ، أقوال . فالشرك قاله الضحاك وابن زيد ، والغناء قاله مجاهد ، والكذب قاله ابن جريج . وفي الكشاف عن قتادة مجالس الباطل . وعن ابن الحنفية : اللهو والغناء . وعن مجاهد : أعياد المشركين و ) اللَّغْوَ ( كل ما ينبغي أن يُلغى ويُطرح . والمعنى ) وَإِذَا مَرُّواْ ( بأهل اللغو ) مَرُّواْ ( معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم . والخوض معهم لقوله ) وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ ( انتهى .
الفرقان : ( 73 ) والذين إذا ذكروا . . . . .
( بآيَاتِ رَبّهِمْ ( هي القرآن . ) لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً ( النفي متوجه إلى القيد الذي هو صم وعميان لا للخرور الداخل عليه ، وهذا الأكثر في لسان العرب أن النفي يتسلط على القيد ، والمعنى أنهم إذا ذكروا بها أَكَبّوا عليها حرصاً على استماعها ، وأقبلوا على المذكر بها بآذان واعية وأعين راعية ، بخلاف غيرهم من المنافقين وأشباههم ، فإنهم إذا ذكروا بها كانوا مكبين عليها مقبلين على من يذكر بها في ظاهر الأمر ، وكانوا ) صُمّاً وَعُمْيَاناً ( حيث لا يعونها ولا يتبصرون ما فيها . قال ابن عطية : بل يكون خرورهم سجداً وبكياً كما تقول : لم يخرج زيد إلى الحرب جزعاً أي إنما خرج جريئاً معدماً ، وكان المسمع المذكر قائم القناة قويم الأمر فإذا أعرض كان ذلك خروراً وهو السقوط على غير نظام وترتيب ، وإن كان قد أشبه الذي يَخّر ساجداً لكن أصله أنه على غير ترتيب انتهى . وقال السدّي ) لَمْ يَخِرُّواْ ( ) صُمّاً وَعُمْيَاناً ( هي صفة للكفار ، وهي عبارة عن إعراضهم وجهدهم في ذلك . وقرن ذلك بقولك : قعد فلان يتمنى ، وقام فلان يبكي ، وأنت لم تقصد الإخبار بقعود ولا قيام وإنما هي توطئات في الكلام والعبارة .
الفرقان : ( 74 ) والذين يقولون ربنا . . . . .
( قُرَّةِ أَعْيُنٍ ( كناية عن السرور والفرح ، وهو مأخوذ من القر وهو البرد . يقال : دمع السرور بارد ، ودمع الحزن سخن ، ويقال : أقر الله عينك ، وأسخن الله عين العدو . وقال أبو تمام : فأما عيون العاشقين فأسخنت
وأما عيون الشامتين فقرت
وقيل : مأخوذ من القرار أي يقر النظر به ولا ينظر إلى غيره . وقال أبو عمرو : وقرة العين النوم أي آمناً لأن الأمن لا يأتي مع الخوف حكاه القفال ، وقرة العين فيمن ذكروا رؤيتهم مطيعين لله قاله ابن عباس والحسن وحضرمي كانوا في أول الإسلام يهتدي الأب والابن كافروا والزوج والزوجة كافرة ، وكانت قرة عيونهم في إيمان أحبابهم . وقال

الصفحة 473