كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

{وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15)}.

[15] {وَمَا يَنْظُرُ} أي: ينتظر {هَؤُلَاءِ} أي: كفار مكة {إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} تحل بهم العذاب سريعًا، وهي النفخة الأولى. واختلاف القراء في الهمزتين من (هَؤُلاَءِ إِلَّا) كاختلافهم فيهما من (عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ) في سورة النور [الآية: 33] {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} أي: ليس بعدها إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف: (فُوَاقٍ) بضم الفاء، والباقون: بفتحها (¬1)، وهما لغتان، فالفتح لغة قريش، والضم لغة تميم.
...
{وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)}.

[16] ولما نزل في الحاقة: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الآية: 25]، استهزأ المشركون {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} كتابنا (¬2) في الدنيا.
{قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} والقِطُّ: الصحيفة التي أحصت كل شيء.
...
{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)}.

[17] قال الله تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} يا محمد فيك مما يؤذيك، فإني ناصرك، ولما أُمر بالصبر، أُمر بذكر داود -عليه السلام-، وما جرى
¬__________
(¬1) انظر: "التيسير" للداني (ص: 187)، و"تفسير البغوي" (3/ 689)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 372)، و"معجم القراءات القرآنية" (5/ 257 - 258).
(¬2) "كتابنا" زيادة من "ت".

الصفحة 11