كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

{وَعَزَّنِي} غلبني {فِي الْخِطَابِ} أي: في القول، المعنى: له الغلبة علي بكل حال، وإن كان الحق لي؛ لضعفي، وهذا كله تمثيل لأمر داود مع أوريا زوج المرأة التي تزوجها داود؛ حيث كان لداود تسع وتسعون امرأة، ولأوريا امرأة واحدة، فضمَّها إلى نسائه.
...
{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)}.

[24] فبعد اعتراف المدعى عليه {قَالَ} داود: {لَقَدْ ظَلَمَكَ} قرأ أبو عمرو، وورش، وحمزة، والكسائي، وخلف: (لَقَد ظَّلَمَكَ) بإدغام الدال في الظاء، واختلف عن هشام في هذا الحرف، وقرأ الباقون: بالإظهار (¬1).
{بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ} أي: بسؤاله إياها ليضيفها.
{إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} الشركاء.
{لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} يظلم بعضهم بعضًا (¬2).
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} استثناء من (بَعْضُهُمْ)؛ أي: لا يظلمون أحدًا.
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 337)، و "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 372)، و"معجم القراءات القرآنية" (5/ 262).
(¬2) "يظلم بعضهم بعضًا" زيادة من "ت".

الصفحة 16