كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

{إِنَّهُ أَوَّابٌ} رَجَّاع عن المخالفات.
...
{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)}.

[31] ولفظة (أَوَّاب) هي العامل في: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ} وهو ما بعد الزوال، وكان لسليمان ألف فرس، فصلى الظهر، وكان يريد جهادًا، فجلس على سريره، فأمر أن تُعرض عليه {الصَّافِنَاتُ} جمع صافن من الخيل، وهو القائم على ثلاثة قوائم، ويثني الرابعة، والصفون يختص به عِتاقُ الخيل.
{الْجِيَادُ} جمع جواد، وهو الخيار، إن استوقفت سكنت، وإن ركضت سبقت.
...
{فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32)}.

[32] فعرضت عليه تسع مئة، فتنبه لصلاة العصر، فإذا الشمس قد غربت، ولم يُعلم بذلك هيبةً له، فندم {فَقَالَ} اعترافًا بذنبه: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} أي: آثرت حبَّ الخيل، والعرب تعاقب بين الراء واللام، وسميت بذلك؛ لأن الخير معقود بنواصيها. قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو: (إِنِّيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (¬1)، المعنى اشتغلت بنظري إلى الخيل.
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 557)، و"التيسير" للداني (ص: 188)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 362)، و"معجم القراءات القرآنية" (5/ 264).

الصفحة 23