كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

وقد أنكر (¬1) القاضي عياض - رحمه الله - هذه القصة، وقال: إن معنى {فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} ابتليناه، وابتلاؤه ما حكي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه قال: لأطوفنَّ الليلة على مئة امرأة، أو تسع وتسعين امرأة، كلُّهن يأتينَ بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فلم تحملْ منهن إلا امرأة واحدة جاءت بِشِقِّ رَجُل"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده! لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله" (¬2)، قال أصحاب المعاني: والشقُّ: هو الجسد الذي أُلقي على كرسيه حين عرض عليه، وهي عقوبته ومحنته، قال القاضي عياض (¬3) - رحمه الله -: وإن سئل: لِمَ لَمْ يقلْ سليمانُ في القصة المذكورة: إن شاء الله؟ فعنه أجوبة، أَسَدُّها ما روي في الحديث الصحيح: أنه نسي أن يقولها، وذلك لينفذ مراد الله، والثاني: أنه لم يسمع صاحبه، وشغل عنه.
{ثُمَّ أَنَابَ} رجع إلى ملكه بعد أربعين يومًا.
...
{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)}.

[35] فلما رجع {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي} لا يكون.
¬__________
(¬1) جاء على هامش "ت": "وقد ذكر الزمخشري عن صاحب "المدارك" أنه من الأباطيل كما ذكرنا، وأنها مما لا يصح نقلها كما في "النهر".
(¬2) رواه البخاري (3242)، كتاب: الأنبياء، باب قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ}، ومسلم (1645)، كتاب الأيمان، باب: الاستثناء، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(¬3) انظر: "الشفا" للقاضي عياض (2/ 166 - 167).

الصفحة 29