كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

{لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} المراد: أراد أن يفرده في البشر؛ ليكون خاصة له وكرامة، ولم يفعل هذا غيرةً على الدنيا، ولا نفاسةً بها.
قال ابن عطية: وهذا هو الظاهر من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في خبر العفريت الذي عرض له في صلاته، وقيل: أراد: لا ينبغي لأحد من بعدي مدة حياتي؛ أي: لا أُسلبه ويصير إلى أحد كما صار إلى الجني (¬1). قرأ نافع، وأبو جعفر، وأبو عمرو: (مِن بَعْدِيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (¬2).
{إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} المعطي ما تشاء لمن تشاء.
...
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)}.

[36] {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ} فذللناها لطاعته إجابةً لدعوته. قرأ أبو جعفر: (الرِّيَاحَ) بألف بعد الياء على الجمع، وقرأ الباقون: بغير ألف على التوحيد (¬3).
{تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً} حال من ضمير (تجري)؛ أي: رخوة لينة.
{حَيْثُ أَصَابَ} أي: قصد.
¬__________
(¬1) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (4/ 505).
(¬2) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 557)، و"التيسير" للداني (ص: 188)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 362)، و"معجم القراءات القرآنية" (5/ 265).
(¬3) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 223)، و"معجم القراءات القرآنية" (5/ 265).

الصفحة 30