كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}.
[16] ونزل عتابًا للمؤمنين: {أَلَمْ يَأْنِ} أي: يَحِنْ؛ من أنى يأني: إذا جاء إناه؛ أي: وقتُه.
{لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} تعالى إذا ذكر، وتلين وتخضع؟ قال ابن عباس: "إن الله استبطأ قلوب المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاثَ عشرةَ سنة من نزول القرآن" (¬1) {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} وهو القرآن.
قرأ نافع، وحفص عن عاصم، ورويس عن يعقوب: (نَزَلَ) بتخفيف الزاي، والباقون: بالتشديد (¬2).
{وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ} أي: من قبل القرآن، وهم اليهود والنصارى. قراءة العامة: (وَلاَ يَكُونُوا) بالغيب عطفًا على (تَخْشَعَ)، وقرأ رويس عن يعقوب: بالخطاب (¬3) التفاتًا أو نهيًا للمؤمنين عن مماثلة أهل الكتاب فيما حُكي عنهم.
{فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} أي: الزمانُ بطول أعمارهم {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} بميلهم
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير البغوي" (4/ 326 - 327)، و"تفسير القرطبي" (17/ 249).
(¬2) المصادر السابقة.
(¬3) انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 384)، و"معجم القراءات القرآنية" (7/ 86).
الصفحة 538