كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

{كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} هنا {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} على فعل نافع من أيمانهم الكاذبة كما انتفعوا بها في الدنيا. قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وعاصم، وحمزة: (وَيَحْسَبُونَ) بفتح السين، والباقون: بكسرها (¬1).
{أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} البالغون الغاية في الكذب؛ حيث يكذبون مع عالم الغيب والشهادة، ويحلفون عليه.
...
{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19)}.

[19] {اسْتَحْوَذَ} غلبَ واستولى {عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} بطاعتهم إياه.
{فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} معناه: تملَّكَهم من كل جهة، وغلب على نفوسهم، وهذا الفعل مما استُعمل على الأصل؛ فإن قياس التعليل يقتضي أن يقال: استحاذ، وحكي أن عمر -رضي الله عنه- قرأ: (اسْتَحَاذَ) (¬2).
{أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ} جنودُه.
{أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} لتفويتهم على نفسهم النعيمَ، وعرضها للعذاب.
¬__________
(¬1) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 412)، و"معجم القراءات القرآنية" (7/ 106).
(¬2) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (8/ 238)، و"معجم القراءات القرآنية" (7/ 106).

الصفحة 566