كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)

الذي يسمُّونه: "مجتهد المذهب"، وهو كما يُؤْخَذ من كلامهم: مَنْ أحرز شروط الاجتهاد المطلق، إلَّا أنَّه قاصر في معرفة التفسير، وفي معرفة السُّنة، ويكون مع ذلك واسع الخبرة بمذهب إمامه أصولًا وفروعًا.
ومن شرطه ــ أيضًا ــ أن يعلم مَأْخَذ إمامه في المسألة التي يريد الاستنباط منها.
ومدار الاستنباط على تحصيل دلالة ظنية من نصوص المجتهد بأنَّ الحُكم في هذه المسألة هو كيت وكيت، وقد تكون تلك الدلالة عمومًا أو مفهومًا، والغالب فيها هو القياس، وكلٌّ من هذه الدلالات قد يَضْعُف جدًّا.
فأمَّا العموم فإنَّه قد يدخل تحت النص العام صور نادرة قد لا تكون خَطَرَت على ذهن المجتهد.
وإنَّما قلنا إنَّ عموم نص الكتاب أو السنة يشمل الصورة النادرة لأنَّ الله تبارك وتعالى لا يعزُبُ عن علمه شيء، وهو رقيب على لسان رسوله، يعْصِمُه عن الخطأ، ومع ذلك فقد قال جماعة من العلماء بعدم دخول الصورة النادرة في النص الشرعي أيضًا.
وأمَّا غير المعصوم فإنَّنا لا نثق بأنَّه خَطَرت على ذهنه الصورة النادرة.
وإذا لم تكن خَطَرت على ذهنه فلا يثبت أنَّ لها عنده ذلك الحكم، فلعلَّه لو سُئِل عنها لرأى لها حكمًا آخر، واعتذر عن ذلك العموم بأنَّها صورة نادرة لم تخطر على ذهنه.
فإن قيل: فقد قال جماعة من العلماء بدخول الصور النادرة في عموم كلام غير المعصوم، في نحو النَّذر واليمين والوكالة.

الصفحة 114