كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
من علماء المذاهب يرجِّحون قياس قول إمامهم على نصوص شرعية قد وقفوا عليها!
ثم نقول: إن كان مجتهد المذهب قاس على قول إمامه بدون أن يعرف دليل إمامه = فإنَّنا نخشى أن يكون إمامه استند إلى قياس، فيكون قياس هذا المقلِّد مركَّبًا على قياس، وهو باطل عندهم، كما قرَّروه في كتب الأصول.
وإنْ عَلِم دليل إمامه وكان قياسًا فالأمر واضح.
وإن كان نصًّا فشرط القياس على النَّص أن لا توجد دلالة أقوى منه من كتاب أو سنة، ولا اعتداد بعدم وجدان من ليس بمجتهد مستقل؛ إذ لو كان لمجتهد المذهب من المعرفة بالكتاب والسنة ما يصحِّح الاعتداد بعدم وجدانه= لكان مجتهدًا مستقلًا، والمفروض خلافه.
هذا مع أنَّ من الأقيسة ما هو ضعيف جدًّا، كقياس الشَّبَهِ وغيره.
والحاصل: أنَّ الاستنباط من كلام المجتهد على جانبٍ من الضعف، فإن جاز الاستناد إليه فعلى قدر الضرورة مع وجوب الاحتياط، ويشتدُّ الأمر إذا علمنا أنَّ أكثر المسائل المدوَّنة في كتب الفروع ليست من نصِّ الإمام، ولا مستنبطة من نصِّه، بل كل متأخر يستنبط مِن كلام مَن قَبْله، ففي مذهب الشافعي مثلًا تجد "دحلان" يستنبط من كلام "الباجوري"، و"الباجوري" يستنبط من كلام "البجيرمي"، و"البجيرمي" يستنبط من كلام "الشبراملسي"، و"الشبراملسي" من كلام "ابن حجر"، و"ابن حجر" من كلام "الزركشي"، و"الزركشي" من كلام "النَّووي" وهكذا.
ولعلَّك لا تصل إلى الإمام إلَّا بعشر درجات وأكثر.
الصفحة 117
398