كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)

[آل عمران: ٩٧]، وركوب الطيّارة ــ مثلًا ــ سبيل. وقال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] والبنادق والمدافع قوَّة.
وواضح أنَّ البواخر والقطار والسيَّارات والطيَّارات والبنادق والمدافع لا يمكن استعمالها قبل وجودها، فَترْكُ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - استعمالها إنَّما كان لعدم وجودها حينئذٍ، فلا يكون مثل هذا الترك حُجَّة يُرَدّ بها دلالة الآيتين المذكورتين وغيرهما، وقس على هذا.
قال ابن حجر المكي في "الفتاوى الحديثية" ص ٢٠٠: "وفسَّر بعضهم البدعة بما يعمُّ جميع ما قدَّمنا وغيره، فقال: هي ما لم يقم دليل شرعي على أنه واجب أو مستحب، سواء أَفُعِل في عهده - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو لم يفعل، كإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب (¬١)، وقتال التُّرْك (¬٢)، لمَّا كان مفعولًا بأمره لم يكن بدعة، وإن لم يُفْعَل في عهده، وكذا جمع القرآن في المصاحف (¬٣)، والاجتماع على قيام شهر رمضان، وأمثال ذلك ممَّا ثبت
---------------
(¬١) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٣٠٣٥) ومسلم (١٦٣٧) وغيرهما، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب .. " الحديث. وما أخرجه مسلم (١٧٦٧) وغيره، من حديث عمر - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لأخرجنَّ اليهود والنَّصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلَّا مسلمًا".
(¬٢) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٢٩٢٧) ومسلم (٢٩١٢) وغيرهما، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك .. " الحديث.
(¬٣) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٤٦٧٩) وغيره، من حديث زيد بن ثابت في قصَّته مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهم في جمع القرآن.

الصفحة 133