كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
به كل ما لم يقع في العهد النبوي لعدم المقتضي أو لوجود مانع؛ إذ قد قام الدليل على أنَّه لو وُجِد المقتضي أو زال المانع لَمَا تركه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهو من هديه بالقوة.
ولك أن تستغني بقولك: "كل أمر أُلصق بالدين، ولم يكن من هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - "؛ فإنَّ هَدْيه هو سُنَّته، والدليل الدَّال على أمرٍ أنَّه من الدِّين وأنَّه إنَّما تركه - صلى الله عليه وآله وسلم - لعدم مقتضيه، أو لوجود مانع عنه في حياته= لا بد أن يكون ذلك الدليل من أقسام السُّنَّة.
وأبلغ من هذا كلِّه أن يُقال: إنَّ كلمتي "البدعة" و"المُحْدَثة" الواردتين في الأحاديث باقيتان على معناهما اللغوي، ولكن ليس المراد بهما صورة الفعل، وإنَّما المراد الحكم المزعوم له وجوبًا، أو ندبًا، أو غيرهما من الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية.
فمَن زعم أنَّ التَّختُّم بالعقيق واجب، أو مندوب، أو حرام، أو مكروه، فقد ابتدع؛ لأنَّ هذا الحكم الذي زَعَمَه مُحْدَث.
وهكذا من زعم أنَّ شرب قليل الخمر مباح لِمَن وَثِق من نفسه أنَّ قليله لا يجرُّه إلى كثيره فقد ابتدع؛ لأنَّ هذا الحكم ــ وهو الإباحة ــ في تلك الحال مُحْدَث.
وكذا من زعم أنَّ الغِنَى شرط لصحة النكاح، أو سبب تام لوجوبه، أو مانع من وجوب صوم رمضان، أو أنَّ صوم مَن شَرِب الدَّواء عمدًا صحيح، أو أنَّ صوم من تعطَّر عمدًا باطل.
فإن قلتَ: لكن السَّلف كثيرًا ما يطلقون على الأفعال أنفسها أنَّها "بدع"،
الصفحة 135
398