كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)

[ص ١١] على العين، والران الذي على القلب، قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (¬١)} [المطففين: ١٤]، أَلَا ترى إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠]، وهي يد رسول الله، ورسول الله هو البرنامج الكامل، والأنموذج الشامل، و [ ... ] الواصل الموصل.
ولهذا حقِّق توحيد ذاتك بذاتك في ذاتك لذاتك، في قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١] أي: هو أنفسكم أفلا تبصرون!
وقوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧]، والرامي هو رسول الله يوم بدر.
فافهم المعنى فقد دان المنى، وادخل الدار واقصد نحونا، واستمع لما يوحى إليك من قولنا، الذي قولك لك، المنزل على قلب نبيك: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ١ - ٣]، وأدنى؛ لكلام ابن عباس: "إنَّ محمدًا رأى ربَّه بعين الرأس" (¬٢).
---------------
(¬١) في الأصل: ( .. على قلوبهم فهم لا يفقهون)!
(¬٢) تُنظَر الروايات المنقولة عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره في هذا الشأن في "الدر المنثور" للسيوطي (١٤/ ١٩ - ٢٤).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "درء التعارض" (٨/ ٤٢): "وأمَّا تقييد الرُّؤية بالعين فلم يثبت لا عن ابن عباس ولا عن أحمد".
وقال الإمام ابن القيِّم رحمه الله في "زاد المعاد" (٣/ ٣٦ - ٣٨): "صحَّ عن ابن عباس أنَّه رأى ربَّه، وصحَّ عنه أنَّه قال: رآه بفؤاده. وصحَّ عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك .. وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتِّفاق الصحابة على أنَّه لم يره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه: وليس قول ابن عباس: "إنَّه رآه" مناقضًا لهذا، ولا قوله: "رآه بفؤاده"، وقد صحَّ عنه أنه قال: "رأيت ربي تبارك وتعالى"، ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان في المدينة لمَّا احتبس عنهم في صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك اللَّيلة في منامه .. وأما قول ابن عباس إنَّه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: ١١]، ثم قال: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣]. والظاهر أنَّه مستنده؛ فقد صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ هذا المرئيَّ جبريل، رآه مرتين في صورته التي خلق عليها".

الصفحة 190