كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
وبني عمٍّ وأهل بلد صغير واحد، فاتَّبعوه.
ثم لم يزالوا يتهافتون على الخلاف، تارةً يسألونه أن يجعل لهم إلهًا، وتارةً يجعلون لأنفسهم، وتارةً [ ... ]، وتارةً يقولون: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤]. إلى غير ذلك من الأوابد والفظائع، [واعتادوا] على الارتدادات وعبادة الأوثان وقتل الأنبياء.
ثمَّ إنَّ عيسى عليه السلام جاء بالبيِّنات وعظام المعجزات، أولها ولادته من غير أبٍ، ثم تكلُّمه [بالمهد صبيًّا]، وإبراء المرضى بإذن الله، مع أنَّ لديهم التبشير به، وهو يناديهم أنَّه إنَّما جاء مقرِّرًا للتوراة، لا ينقض حرفًا واحدًا [منها].
فلم يؤمن به في نصِّ الإنجيل إلَّا نحو اثني عشر رجلًا معروفين، ونساءٌ قليل، وعدد لا يبلغ جميعهم وفي جملتهم الإثنا عشر [ ... ]، وكانوا مشرَّدين مُسْتَخْفِين، وارتدَّ جماعةٌ منهم بنصِّ الإنجيل.
وأمَّا محمد عليه السلام فلا خلاف بين جميع الأمم أنَّه نشأ في مكَّة يتيمًا، لا مال له، أميًّا، رعى غنم قومه بأجرة و [ ... ]، ولم يفارق مكَّة فراقًا يتمكَّن به من معرفة أحوال الأمم، فنشأ محفوظًا من قبيح العادات، [حتى لُقِّب: ] الأمين، فاختاره الله لنبوَّته، واصطفاه لرسالته، فعلَّمه ما لم يعلم، وألزمه بما ألزم.
فقابله معظم قومه بالتَّكذيب والأذى والشتيمة، وقاطعوه مع عشيرته، فلم يزده ذلك إلَّا جدًّا في أمر الله، فعدلوا عن الأذى إلى الاستمالة، فبذلوا له الأموال الكثيرة والتَّمليك عليهم، فأبى وقال: "والله لو وضعوا الشمس في
الصفحة 222
398