كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)

ضعف ما كان يستطيعه قبل، وكذلك في الجري على الأقدام، والرَّمي بالأحجار، والمشي على سلك ممدود بين عمودين، وغير ذلك ممَّا هو معروف في الألعاب الرِّياضية.
وكذلك الشَّعبذة التي تعتمد خِفَّة الحركة؛ فإنَّ ذلك القَدْر من سرعة الحركة لا يحصل إلَّا بمعاناة الحركات السَّريعة مدَّةً.
فكذلك قُوَى النُّفوس يمكن تربيتها بالرِّياضة، فقد علِمْتَ ممَّا تقدَّم أنَّ بعض النُّفوس تكون بها بطبيعتها قوَّة التأثير بالإصابة بالعين وبإزالة الألم الحاصل من لدغ العقرب ونحو ذلك، وأنَّ ذلك قد يُكْتَسَب كما يُكْتَسَب قوَّة التَّنويم المغناطيسي ونحوه.
غير أنَّ الرِّياضة هنا تختلف وعمادها أمران: إضعاف القُوى الجسديَّة، والتعوُّد على جمع الهِمَّة، وحصر الفِكر في شيءٍ واحدٍ.
وهذه الرِّياضة معروفةٌ عند قدماء اليونان والهنود وغيرهم، وقد يفعلها المسلمون وعملوا بها، كما نقلوا المنطق والفلسفة وعملوا بها، ولم تَلْقَ هذه من المعارضة كما [تلقَّت] (¬١) الفلسفة ذلك؛ لأسباب.
منها: أنَّ في العبادات الإسلاميَّة ما يشبهها في الجملة، كالصِّيام، والقيام، والاقتصاد في الأكل والشرب، واعتزال الناس إذا خشيت من الناس مفسدةً.
ومنها: أنَّ بعض الزُّهَّاد من التَّابعين وغيرهم بالغوا في العبادات الإسلاميَّة، حتى قربوا من هذه الرِّياضة؛ فداوموا على الصيام، وواصلوا فيه،
---------------
(¬١) في الأصل «تقلت».

الصفحة 255