كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)

لشهِدَت له، فهو إمَّا راجعٌ إلى الأوَّل أو الثالث. أمَّا الأول فقد مرَّ.
وأمَّا الثالث [فإنَّ ما] (¬١) ثبت في الشَّريعة أنَّه أمارة قد يكون حقًّا، وقد يكون باطلًا، فحدُّه أنَّه إذا وافق حُجَّةً مشهودًا لها في الشَّريعة بأنَّها حُجَّة أُخِذ بتلك الحُجَّة، وذُكِر معها استنانًا (¬٢)، كما يذكر أهل العلم الحُجَّة الشَّرعيَّة، ثم يذكر بعضهم ما وافقها من رُؤيا ونحوها.
وإن خالف حُجَّةً شرعيَّةً كان ذلك دليلًا على بطلانه.
وإن لم يوافق ولم يخالف أُخِذ به فيما تكفي فيه الأمارة الضَّعيفة، وذلك في نحو صدقة التطوُّع، إذا تردَّدتَ في إعطائها لهذا أو لذاك، ولم يظهر لك ما يرجِّح أحدهما من جهة الشرع ولم يتيسَّر قسمتها، فرأيتَ رؤيا تدلُّ على أحقِّيَّة أحدهما = فإنَّه يجوز لك أن تعطيه؛ وذلك أنَّه يكفي في ذلك الأمارة الضَّعيفة، كأنْ ترى ثوب أحدهما أبْلَى من ثوب الآخر فتقول: يظهر من هذا أنَّ الذي ثوبُه أبلى أشدُّ حاجة.
ولا يدخل في هذا: التردُّد في صيام يومين لم يثبت في الشَّرع لأحدهما مزيَّة عن الآخر إذا دلَّت رؤيا على مزيَّةٍ شرعيَّةٍ لأحدهما.
والفرق: أنَّ المزيَّة الشرعيَّة حكم شرعيٌّ لا يثبت إلَّا بالشَّرع، وأمَّا كون هذا أحْوَج من ذاك فهو موكولٌ إلى نظر المكلَّف، فلا تغفل.
الأمر الثَّاني: أنَّ ما يصحُّ في الجملة ممَّا ادَّعاه المتصوِّفة مُعَرَّضٌ للاشتباه بتضليل الشيطان، والهوى، والتَّخيُّل، والتوهُّم.
---------------
(¬١) في الأصل: «فإنما».
(¬٢) كذا في الأصل، ولعلَّه يقصد: «استئناسًا».

الصفحة 266