كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
يتوصَّلون بها إلى قوَّة الإدراك، وقوَّة الإرادة التي ينبني عليها قوَّة التَّأثير. وأمَّا وقوع بعض المسلمين في هذه الرِّياضة فمِن طريقين:
الأولى: الغُلُو.
الثانية (¬١): النَّقل عن الأُمَم الأخرى.
وتفصيل ذلك: أنَّ الإسلام جاء بشرع الصِّيام والقيام، واجتناب الحرام والشُّبهات، وترك صُحبة أهل الشَّر والفساد، وحدَّد الصِّيام بعد الفَرْض بثلاثة أيَّامٍ من كُلِّ شهرٍ، إلى أن جعل منتهاه صيام يومٍ وإفطار يومٍ، ونهى عن صيام الدَّهر، وعن الوصال، وحضَّ على أكلة السَّحَر لمن يريد الصَّيام، ونهى عن قيام اللَّيل كلِّه، وعن العُزلة، وعن الترهُّب (¬٢).
---------------
(¬١) في الأصل: «الثاني».
(¬٢) أمَّا شرعيَّة الصِّيام والقيام فأظهر وأكثر من أن تذكر دلائله.
وأمَّا اجتناب الحرام والشُّبهات فورد في أحاديث، منها حديث النُّعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعًا: «إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات .. ». أخرجه البخاري (٥٢) ومسلم (١٥٩٩) وهذا لفظه.
وأمَّا النَّهي عن صحبة أهل الشَّرِّ ففي أحاديث، منها: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «إنَّما مثل الجليس الصَّالح والجليس السُّوء كحامل المسك ونافخ الكير .. ». أخرجه البخاري (٢١٠١) ومسلم (٢٦٢٨).
وأمَّا تحديد الصِّيام بثلاثة من كلِّ شهر، وجعل منتهاه صيام يوم وإفطار يومٍ، والنَّهي عن صيام الدَّهر، والنَّهي عن قيام اللَّيل كلِّه ففي حديث عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما، وسيأتي ذكره في كلام المؤلِّف (ص ٢٨٩).
وأمَّا النَّهي عن الوِصال ففي أحاديث، منها: حديث ابن عمر رضي الله عنه: «أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم واصل، فواصل الناس، فشقَّ عليهم، فنهاهم .. ». أخرجه البخاري (١٩٢٢) ومسلم (١١٠٢).
وأمَّا الحثُّ على التسحُّر ففي أحاديث، منها: حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «تسحَّروا فإنَّ في السَّحور بركة». أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥).
وأمَّا النَّهي عن التَّرهُّب ففي أحاديث، منها: حديث عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن مظعون: «إنَّ الرَّهبانية لم تكتب علينا .. » الحديث. أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٦)، وابن حبان (٩)، ويُنظَر: «الصَّحيحة» للألباني (١٧٨٢)، و «الإرواء» (٢٠١٥).
وأصله في البخاري (٥٠٧٣)، ومسلم (١٤٠٢)، من حديث سعدٍ رضي الله عنه قال: «ردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التَبَتُّل، ولو أذن له لاخْتَصَينا».
الصفحة 277
398