كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
وبالجملة فإن الطَّريقين ــ الغُلُو والنَّقل عن الأُمم الأخرى ــ اتَّصلا في القرن الثالث، ومن حينئذٍ اشتهرت المكاشفات والغرائب التي يسمُّونها كرامات، ولم تزل تنمو وتزيد.
فأمَّا ما يُحكى من المكاشفات والكرامات عن التَّابعين وأتباعهم ومن قَرُبَ منهم فغالِبُه من اختراع القُصَّاص الذين لم يكونوا يُحْجِمون عن وضع الأحاديث، وروايتها عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، كما تقدَّم، فما بالك بما دون ذلك!
فصلٌ
من أركان الرِّياضة عندهم: الجُوع، ويجتمعون على إلصاقه بالدِّين، بما جاء عن النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه. وقد تقدَّم ما يتعلَّق بذلك، وأنَّه لا حُجَّة فيه.
وأقوى ما عندهم: حديث المقدام بن معدي كرب مرفوعًا: «ما مَلَأَ ابنُ آدم وعاءً شرًّا من بطنه، حسْبُ ابن آدم لُقَيمات يُقِمْن صُلْبَه، فإن غَلَبَت الآدمي نفسُه فثُلُثٌ للطَّعام، وثُلُثٌ للشَّراب، وثُلُثٌ للنَّفس». رواه ابن ماجه (¬١)، من طريق محمد بن حربٍ حدَّثتني أمِّي عن أمِّها أنَّها سمعت المقدام. والمرأتان مجهولتان.
لكن أخرجه الترمذي (¬٢)، من طريق إسماعيل بن عيَّاش حدَّثني أبو سلمة الحمصي وحبيب بن صالح عن يحيى بن جابر الطَّائي عن مقدامٍ، وفيه: « ... بحَسْب ابن آدم أُكُلات ... فإن كان لا محالة فثُلُثٌ ... ».
---------------
(¬١) «سنن ابن ماجه» (٣٣٤٩).
(¬٢) «سُنن الترمذي» (٢٣٨٠).
الصفحة 284
398