كتاب آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني (اسم الجزء: 6)
تروٍّ وتدبُّرٍ؛ ولذلك لا يكفر كلُّ من فعل ذلك؛ لأنّه قد يكون معذورًا.
والتّأويل مأخوذٌ من هذا، فهو أن يجعل الكلام يؤول إلى معنى لم يكن ظاهرًا منه، فآل الكلامُ إلى أنْ حُمِلَ على ذلك المعنى بعد أن كان غير ظاهرٍ فيه.
والتّأويل قد يكون للرُّؤيا، وقد يكون للفعل، وقد يكون للَّفظ.
فأمّا تأويل الرُّؤيا: فالأصلُ فيه أنّه مصدر أَوَّلَ العابرُ الرُّؤيا تأويلًا، أي: ذكر أنَّها تؤول إلى كذا، ويذكر ما يزعم أنّه رمز بها إليه.
وكثيرًا ما يُطلق على المعنى الذي تؤول به، ومنه ــ والله أعلم ــ قول الله عزَّ وجلَّ حكاية عن جلساء ملك مصر: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: ٤٤]، ومواضع أخرى في سورة يوسف.
ويطلق على نفس الواقعة التي كانت الرؤيا رمزًا إليها، ومنه ــ والله أعلم ــ قول الله عزَّ وجلَّ حكاية عن يوسف عليه السلام: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: ١٠٠]؛ فجعل نفس سجود أبويه وإخوته له هو تأويل رؤياه التي ذكرها بقوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤].
وأمّا تأويل الفعل: فهو توجيهه بذكر الباعث عليه والمقصود منه؛ فيتبين بذلك أنه على وفق الحكمة بعد أن كان متوهما فيه أنّه مخالفٌ لها، ومنه ما حكاه الله عزَّ وجلَّ عن الخضر: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٧٨].
وقد يطلق على العاقبة التي يؤول إليها الفعل؛ وبه فسّر قتادة وغيره قول الله عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].
الصفحة 7
398