كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 6)

يتأول: "هُجِرَ" على ما قدمناه، وقد يكون ذلك من قائله دهشًا لعظم ما شاهد من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - واشتداد وجعه وعظم الأمر الذي كانت فيه (¬1) المخالفة حتى لم يضبط كلامه ولا يفقه، كما قال عمر: "لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -" (¬2).
قوله (¬3): "لَيْسَ لَهُ هِجَّيرى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ، قَامَتِ السَّاعَةُ" (¬4) كذا رويناه من طريق الشامي، وكذا عند التَّمِيمِي، ورويناه من طريق العُذْرِيِّ: "هِجِّيرٌ" والصواب الأول. قال ابن دريد: يقال: ما زال ذلك هِجِّيرَاهُ وإِهْجِيرَاهُ، أي: دأبه (¬5).
وقال أبو علي البغدادي: الهجيرى أيضًا: كثرة الكلام وترداده بالشيء، وهو راجع إلى الأول.
قوله: "الْهَجِينُ مِنَ الخَيْلِ" (¬6) هو الذي أبوه عربي وأمه غير عربية، وقد يستعمل ذلك في غير الخيل.
¬__________
(¬1) من (أ، م).
(¬2) البخاري (3667) من حديث عائشة بلفظ: "مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ".
(¬3) ساقطة من (س).
(¬4) مسلم (2899) من قول يسير بن جابر بلفظ: "لَيْسَ لَهُ هِجِّيرى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ السَّاعَةُ".
(¬5) "الجمهرة" 2/ 1192.
(¬6) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى الطبراني في "الكبير" 17/ 46 (9372) عن محمد بن سلام قال: حدثني بعض أصحابنا قال: عرض سلمان بن ربيعة الخيل فمر عمرو بن معدي كرب على فَرَسٍ له: فقال له سلمان بن ربيعة: هذا هَجِينٌ. فقال له عمرو: عتيق فأمر به فعطِّش، ثم جاء بطست من ماء ودعا بعتاق الخَيْلِ، فشربتْ، فجاء فَرَسٌ عمرو فثنى يديه وشرب - وهذا صنع الهَجِينِ - فنظر إليه فقال له: ألا ترى؟ فقال له: أجل، الهَجِينُ يعرف الهَجِينَ. فبلغ عمر فكتب إليه: قد بلغني ما قلتَ لأميرك، وبلغني أن لك سيفًا تسميه الصمصامة، وعندي سيف مصمم، وتالله لئن

الصفحة 112