كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 6)

الهامُ: طائر يألف الموتى والقبور وهو الصدى، وهو طائر يطير بالليل، وهو غير اليوم لكنه يشبهه، وتزعم العرب أن الرجل إذا قُتِل فلم يُدْرَك بثأره خرج من هامته - وهو أعلى رأسه - طائر يصيح على قبره: اسقوني اسقوني، فإني عطشان. حتى يُقتَل قاتِلُه. وقال بعضهم: تخرج من رأسه دودة فتُسلَخ عن طائر يفعل ذلك، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اعتقاد ذلك، وإليه ذهب غير واحد، منهم أبو عبيد والحربي. وقال مالك: أراها الطيرة التي يقال لها: الهامة، وقد يحتمل أنه أراد التطير بها أيضًا؛ (فإن العرب كانت تتطير بها) (¬1)، ومنهم من كان يتيمن بها، وحكي هذا عن ابن الأعرابي كانت العرب تزعم أن عظام الموتى تصير هامة، ويسمُّون الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا بلي: الصدى.
قوله: "فَمَشَى عَلَى هِيْنَتِهِ" (¬2) بكسر الهاء، أصله الواو من الهون بالفتح، وهوْ الرفق والتثبث في الأمور، ومنه: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] قيل: بسكينة ووقار. قال شمر: الهِينة بالكسر والْهَون بالفتح: الرفق والدعة، يقال: امض على هِينَتِك. وقال بعضهم: الهوينا تصغير الهونا، والهونا تأنيث (¬3) الأهون، أي: الأرفق. قال ابن الأعرابي: العرب تمدح بالهين واللين؛ لأنه من الرفق والتثبت، قال: وتذم بالهين اللين المثقل؛ لأنه من الهُون بضم الهاء، وهو الهوان، وقد قيل أيضًا بالضم من الرفق، قالوا: ومنه الهوينا. وقال غيره: هما سواء مثقلًا ومخففًا، والأصل فيه التثقيل.
¬__________
(¬1) ساقطة من (س).
(¬2) مسلم (1286) من حديث ابن عباس بلفظ: "فَمَا زَالَ يَسِيرُ عَلَى هَيْئَتِهِ".
(¬3) في (س): (جمع).

الصفحة 146