كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 6)

قاله له (¬1) على طريق التبكيت لمَّا تأولهما عقالين. وقيل: بل أراد أن يعرض، وكنى بالوساد عن القفا كما قال في حديث آخر: "إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا" (¬2) أي: لسوء تأويله، وبعده عن الإصابة للمعنى. وقيل: بل معناه إنك لغليظ الرقبة؛ لكثرة أكلك (إلى بياض النهار) (¬3). والأول أولى، وإليه يرجع: "إِنَّكَ لَغَلِيظُ القَفَا"؛ لأن وساد المرء على قدر قفاه، فمن يتوسد الليل والنهار يحتاج إلى قفا من جنس ذلك، وقد ذكرناه في حرف العين. وقيل: الوسادة هاهنا: النوم، أي: إن نومك كثير. وقيل: الليل. كأنه يقول: إن من لا يعد النهار حتى يتبين له العقالان نام كثيرًا وطال نومه، وهما بعيدان في التأويل.
قوله: "صَاحِبُ الوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ" يعني: عبد الله بن مسعود، كذا في البخاري من غير خلاف في كتاب الطهارة (¬4)، وفي رِواية مالك بن إسماعيل (¬5). ويروى: "الْوِسَادَةُ" (¬6). [وفي حديث سليمان بن حرب: "صَاحِبُ السِّوَاكِ] (¬7) أَوِ السِّوَادِ" (¬8) بكسر السين؛ وكان ابن مسعود يمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ينصرف، ويخدمه، ويحمل مطهرته، وسواكه، ونعليه، وما يحتاج إليه، فلعله أيضًا كان يحمل وساده إذا احتاج إليه، وأما أبو عمر
¬__________
(¬1) ساقطة من (س).
(¬2) البخاري (4510).
(¬3) من (أ، م).
(¬4) البخاري قبل حديث (151) عن أبي الدرداء، معلقًا.
(¬5) البخاري (3742)، وكذلك أيضًا في (3761، 6278) عن أبي الدرداء.
(¬6) رواه الحاكم في "المستدرك" 3/ 316.
(¬7) ما بين المعقوفتين من "المشارق" 2/ 294؛ ليستقيم السياق.
(¬8) البخاري (3743)، وانظر اليونينية 5/ 35.

الصفحة 240