كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 6)

قوله: "الْفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ" (¬1) يعني: مشرق الأرض وبلاد كسري وما وراءها، بدليل قوله: "مِنْ حَيْثُ تَطْلُعُ الشَّمْسُ" (¬2)، وبدليل طلوع الفتن والبدع منها الذي يدل عليه قوله: "قَرْنُ الشَّيْطَانِ" (2) وقد فسرناه.
وقيل: بلاد نجد وربيعة ومضر؛ بدليل أنه قد جاء ذلك مبينًا في حديث آخر، والوجهان صحيحان ونجد وبلاد مضر وربيعة وفارس وما وراءها كله مشرق من المدينة، والشرق والمشرق سواء.
قوله: "أُرِيتُ مَشَارِقَ الأرْضِ" (¬3) المشارق (¬4): مطالع الشمس كل يوم، ومشرقاها: مطلعاها في الشتاء والصيف، قال الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث مشارق الأرض ومغاربها من البلاد النائية والأقطار البعيدة مما تبلغه دعوته، وتفتحه أمته.
قوله: "شَرْشَرَ شِدْقَهُ" (¬5) أي: شقه وقطعه، والشرشرة: أخذ السَّبُع الشاة بفيه، ونفضه إياها حتي تتناثر وتتقطع قطعًا، والشره بتخفيف الراء: شدة الحرص.
قوله: "رَكِبَ شرِيًّا" (¬6) أي: فرسًا يستشري في جريه (ويلج متماديًا) (¬7).
وقال يعقوب: خيارًا فائقًا، وشراة المال وسراته: خياره.
¬__________
(¬1) البخاري معلقًا قبل حديث (7092).
(¬2) البخاري (7092) من حديث ابن عمر.
(¬3) مسلم (2889) من حديث ثوبان بلفظ: "إِنَّ اللهَ زَوى لِيَ الأرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا".
(¬4) هنا انتهى السقط من النسخة (ش)، والمشار إليه آنفا أثناء (الشين مع الباء).
(¬5) مسلم (7047) من حديث سمرة بن جندب.
(¬6) البخاري (5189)، ومسلم (2448) من حديث عائشة.
(¬7) من (أ، م).

الصفحة 39