كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 6)

الشهداء (¬1)، فيكون بمعنى شاهد. وقيل: سمي بذلك؛ لأنه شهد له (¬2) بالإيمان وحسن الخاتمة بظاهر حاله فيكون بمعنى مشهود له.
وقيل: لأن الملائكة شهدته. وقيل: لأنه شهد له بوجوب الجنة. وقيل: من أجل شاهده على قتله، وهو دمه؛ لأنه يجيء وجرحه يثعب دمًا (¬3).
وقول أبي هريرة: "ثَلَاثًا أَشْهَدُ باللهِ" (¬4) أي: أشهد بالله ثلاثًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالها ثلاثًا، أي: أحلف، والشهيد من أسمائه سبحانه؛ لأن العباد يشهدونه، أي: يعرفونه فهو بمعنى مشهود. وقيل: هو بمعنى المبيِّن للدلائل والحجج، ومثله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] أي: بيَّن، قاله ثعلب (¬5)، ومنه سمي الشاهد؛ لأنه يبيِّن الحكم، ومثله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: 45] قيل: مبينًا. وقيل: شاهدًا على أمتك بالتبليغ إليهم. وقيل: الشهيد في وصفه هو الذي لا يغيب عنه شيء. وقيل: شاهد (¬6) للمظلوم الذي لا شاهد له، والناصر لمن لا ناصر له.
قوله: "يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا" (¬7) أي: يحضر.
¬__________
(¬1) روى مسلم (1887) عن ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فَقَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إلَى تِلْكَ القَنَادِيل ... " الحديث.
(¬2) في (س، د، ش): (لهم).
(¬3) "الموطأ" 2/ 461 من حديث أبي هريرة.
(¬4) "الموطأ" 2/ 460، والبخاري (7227).
(¬5) في (س): (الثعلب).
(¬6) في (د): (الشهيد).
(¬7) مسلم (2461) من قول أبي موسى يعني بقوله ابن مسعود.

الصفحة 81