كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 6)

المبحث الثالث الحكمة من مشروعية الخيار
الأصل أن الخيار بأنواعه المختلفة إنما شرع لدفع الضرر عن العاقد، وهذا الضرر يكون متوقعًا تارة، ويكون واقعًا تارة أخرى.
أما دفع الضرر المتوقع، فشرع الله له خيار المجلس وخيار الشرط، وذلك لدفع ضرر يتوقع العاقد حصوله، فيستدركه في مجلس العقد، أو في مدة الخيار، ويتخلص منه، وذلك أن العقد قد يقع بغتة من غير ترو ولا نظر في القيمة، فاقتضت محاسن الشريعة أن يُجْعَل للعقد خيار يتروى فيه العاقدان، ويعيدان النظر، ويستدرك كل واحد منهما ما فاته.
وإما دفع الضرر الواقع، كخيار العيب، والتدليس، والنجش، وتلقي الركبان، ونحوها، فإن الإنسان بطبيعته البشرية -كما وصفه الله- ظلوم جهول، فقد يتعرض أحد العاقدين على يد الآخر للغش والتدليس أو غيرهما من أنواع الظلم، فأباح الشرع للعاقد الذي وقع تحت تأثير الغش والتدليس أن يدفع عنة هذا الضرر بثبوت الخيار له في هذه الحالة، فكان ثبوت الخيار من محاسن التشريع التي لا بد منها لدفع الضرر، والله أعلم.

الصفحة 17