كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 6)

الحال الثانية: بعد صدور الإيجاب وقبل صدور القبول.
إذا انتهت مرحلة المفاوضات، وعرض صاحب السلعة إيجابًا جازمًا، ولم يصدر القبول من المشتري فما حكم رجوع البائع والمشتري عن البيع؟
أما المشتري فله خيار القبول بالإجماع، كما إذا قال البائع: بعتك هذا البيت بكذا وكذا، فالمشتري بالخيار بين القبول وبين الرد، ما دام العاقدان في مجلس العقد، ولم يتفرقا بأبدانهما، ولم يتشاغلا عن العقد بما يبطله.
قال الماوردي: "خيار المشتري بعد بذل البائع وقبل قبوله معلوم بالإجماع، إذ لو سقط خياره ببذل البائع لوجبت البياعات جبرًا بغير اختيار ... ولأفضى الأمر فيها إلى ضرر وفساد" (¬١).
[م - ٤٤١] وأما البائع فهل له أن يرجع عن إيجابه قبل صدور القبول من الطرف الآخر؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فقيل: للموجب حق الرجوع عن إيجابه قبل أن يتصل به القبول، وهذا مذهب الجمهور (¬٢).
---------------
(¬١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٣).
(¬٢) جاء في مجلة الأحكام العدلية (مادة: ١٨٤): "لو رجع أحد المتبايعين عن البيع بعد الإيجاب، وقبل القبول بطل الإيجاب، فلو قبل الآخر بعد ذلك في المجلس لا ينعقد البيع. مثلًا لو قال البائع: بعت هذا المتاع بكذا، وقبل أن يقول المشتري: قبلت: رجع البائع، ثم قبل المشتري بعد ذلك لا ينعقد البيع". اهـ
ويقول في بدائع الصنائع (٥/ ١٣٤): "صفة الإيجاب والقبول: فهو أن أحدهما لا يكون لازمًا قبل وجود الآخر ... ".
وانظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢٥٣)، الفتاوى الهندية (٣/ ٨). =

الصفحة 24