كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)

فيه، أو غفل عنه، وأن من مات ولم يحدث نفسه بالجهاد في سبيل اللَّه، ولم ينفق على الجهاد في سبيل اللَّه، مات على شعبة من النفاق.
• ب- السنة الفعلية:
أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجهاد في سبيل اللَّه، وقتال الكفار حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه، فجاهد بنفسه الكريمة وقاد الغزوات في سبيل اللَّه، (¬1) وباشر القتال حتى شج (¬2) وجهه الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- وكسرت رباعيته، ففي غزوة أحد (¬3) أبلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلاءً حسنًا.
يصف سهل بن سعد -رضي اللَّه عنه- ما حصل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيقول: (جرح وجه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة (¬4) على رأسه. .) (¬5).

ثالثًا: إجماع الأمة:
أجمعت الأمة على مشروعية الجهاد بالنفس في سبيل اللَّه، وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء، كما سيأتي تقريره بإذن اللَّه تعالى.
وقد جاهد الصحابة -رضي اللَّه عنه- بعد وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجهزوا الجيوش، وفتحوا الأمصار، واستقرت سيرة الخلفاء الراشدين أن تكون لهم في كل سنة أربع غزوات في الصيف والشتاء والربيع والخريف (¬6).
وتابعهم من جاء بعدهم فرفعوا رايات الجهاد، ولا يزال الجهاد ماضيًا بإذن اللَّه إلى قيام الساعة.
¬__________
(¬1) غزا -صلى اللَّه عليه وسلم- تسع عشرة غزوة، وقيل: سبعٌ وعشرون، وقيل: خمس وعشرون، وقيل: غير ذلك، قاتل منها في ثمان غزوات: منها: يوم بدر، وأحد، والأحزاب، ويوم خيبر، ويوم فتح مكة، ويوم حنين، انظر: "فتح الباري" (7/ 354)، و"عيون الأثر" (1/ 353).
(¬2) الشجة: الجراحة وإنما تسمى بذلك إذا كانت في الوجه أو الرأس، انظر: "المصباح المنير" (305 هـ).
(¬3) (أُحُد) جبل بظاهر المدينة في شمالها وتحت عنده معركة أحد في سنة ثلاث من الهجرة. انظر: "البداية والنهاية" (3/ 383).
(¬4) هي الخوذة توضع على الرأس، وقيل ما يلبس على الرأس من آلات السلاح، انظر: "لسان العرب" (7/ 125)، مادة (بيض)، و"فتح الباري" (6/ 120).
(¬5) أخرجه البخاري، كتاب "الجهاد والسير"، باب لبس البيضة (3/ 1066، برقم 2754).
(¬6) انظر: "الحاوي الكبير" (14/ 140).

الصفحة 24