كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)

واحد من السلف (¬1) وصرَّح به الشافعية (¬2)، وعامة أهل التفسير (¬3).
• مستند الإجماع: استدلوا بمجموعة من الأدلة منها ما يلي:
1 - قوله -عز وجل-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: 39، 40].
• وجه الدلالة: أن هذه الآية أول ما نزل في مشروعية الجهاد، وقوله: {أُخْرِجُوا} صريح في أنه نزل في شان الهجرة. فدل ذلك أن الجهاد إنما شُرع بعد الهجرة.
2 - عَنِ ابن عباس قال: "لما أخرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة قال أبو بكر: "أخرجوا نبيهم إنا للَّه وإنا إليه راجعون ليهلكن"، فنزلت: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} قال أبو بكر: "فَعُرِفَ أنه سَيَكُونُ قِتَال" قال ابن عباس: "هي أَوَّلُ آيَةٍ نزَلت في القتال" (¬4).
• وجه الدلالة: حيث دلَّ الأثر أن الإذن بالجهاد وقتال الكفار كان بعد الهجرة؛ لنزول الآية التي تبيح مقاتلة الكفار بعد خروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مهاجرًا من مكة إلى المدينة.
3 - وعن الزهري قال: أول آية نزلت في القتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} الآية بعد مقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة (¬5).
يقول السيوطي -بعد أن ساق جملة من الآثار التي تؤيد هذا المعنى-: (هذه الآثار كلها متضافرة على أن ذلك كان في السنة الأولى من الهجرة) (¬6).
قال الحافظ ابن كثير: (وإنما شرع اللَّه تعالى الجهاد في الوقت الأليق به؛ لأنهم لما كانوا بمكة كان المشركون أكثر عددًا، فلو أمر المسلمين، وهم أقل من العشر بقتال الباقين لشق عليهم. . . فلما استقروا بالمدينة، ووافاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واجتمعوا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير القرآن العظيم" (5/ 43).
(¬2) انظر: "البيان" للعمراني (12/ 93).
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" (18/ 643)، و"الجامع لأحكام القرآن" (3/ 38).
(¬4) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/ 216، برقم 1865)، والترمذي في "السنن"، كتاب التفسير، باب ومن سورة الحج، وقال: هذا حديث حسن (5/ 325، رقم: 365)، والحاكم (2/ 66)، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه علي "المسند" رقم (1865)، كما صحح إسناده الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي" رقم (2535).
(¬5) "سيرة ابن هشام" (2/ 345).
(¬6) "الحاوي للفتاوي" (1/ 235).

الصفحة 30