كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)
عليه، وقاموابنصره وصارت لهم دار إسلام ومعقلًا يلجؤون إليه- شرع اللَّه جهاد الأعداء، فكانت هذه الآية أول ما نزل في ذلك، فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: 39، 40] (¬1).
• المخالفون للإجماع: لم أجد من خالف في ذلك سوى ما نُسب إلى الضحاك بن مزاحم، ولكن لا يصح عنه، قال ابن جرير: (وهذا قول ذُكر عن الضحاك بن مزاحم من وجه غير ثبت) (¬2).
وقد ذكر ابن القيم رحمه اللَّه أن هناك طائفة قالت: إن الإذن بالجهاد كان بمكة وغلَّط هذا القول وردَّه من وجوه منها:
أ - أنه لم يكن لهم شوكة في مكة يتمكنون بها من القتال.
ب- أن سياق آية الإذن بالجهاد يدل على أن الإذن كان بعد الهجرة قال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: 40] (¬3).Rأن الإجماع متحقق، وما ذكر من خلاف بعض العلماء لا يثبت عنهم، واللَّه أعلم.
[3/ 3] حكم دفع الكفار إذا هاجموا بلاد المسلمين: (جهاد الدفع):
• المراد بالمسألة: هذه هي المرحلة الثالثة من مراحل تشريع الجهاد وهي: الأمر بقتال من قاتل المسلمين من الكفار والكف عمن كف عن قتالهم (¬4) ويمكن أن تسمى مرحلة جهاد الدفع (¬5).
¬__________
(¬1) "تفسير القرآن العظيم" (5/ 434).
(¬2) "جامع البيان" (18/ 642).
(¬3) "زاد المعاد" لابن القيم (3/ 69).
(¬4) "أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية" (ص 143).
(¬5) ومن العجيب أن بعض المعاصرين يتوقفون عند هذه المرحلة، ويجعلونها المرحلة النهائية للجهاد، ويقولون: إن الجهاد في الإسلام هو جهاد الدفع فقط. انظر على سبيل المثال: "رسالة التوحيد" لمحمد عبده (ص 235)، و"فتاوى رشيد رضا" (ص 892)، و"آثار الحرب في الفقه الإسلامي" لوهبة الزحيلي (ص 110)، و"الجهاد في الإسلام -كيف نفهمه؟ " للبوطي (ص 94)، وغيرها من كتب المعاصرين. وقد تعلَّقوا بأدلة هذه المرحلة. وانظر للرد عليهم بالتفصيل: محاضرة نافعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه اللَّه بعنوان (ليس الجهاد للدفاع فقط) في "مجموع فتاواه" (3/ 171). والشيخ صالح اللحيدان في =