كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)
• الموافقون على الإجماع: هو قول جمهور أهل العلم كما قال ابن قدامة (620): (والجهاد من فروض الكفايات في قول عامة أهل العلم، وحكي عن سعيد بن المسيب أنه من فروض الأعيان) (¬1).
وهو مذهب الحنفية (¬2)، والمالكية (¬3)، والشافعية (¬4)، والحنابلة (¬5)، وإليه ذهب الظاهرية (¬6).
• مستند الإجماع: أما دليل فرضية الجهاد، فأدلة كثيرة منها ما يلي:
1 - قول اللَّه تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216].
2 - وقوله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41].
• وجه الدلالة: أن هاتين الآيتين قطعِيَّتَا الدلالة على وجوب القتال؛ لأن الأولى واردة بصيغة (كتب)، والثانية بصيغة الأمر وهما صريحتان في الوجوب على الراجح عند علماء الأصول (¬7).
لكن هذه النصوص وردت بإزائها نصوص أخرى خصصت عمومها، ودلَّت على أن الوجوب ليس عينيًّا، وإنما فرض كفاية، ومن ذلك قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95].
• وجه الدلالة من الآية: أن اللَّه تعالى وعد القاعدين عن الجهاد الحسنى، ولو كان الجهاد فرض عين لاستحق القاعد العقاب لا الثواب (¬8).
• الخلاف في المسألة: وخالف في ذلك بعض العلماء على قولين: القول الأول: أن
¬__________
(¬1) "المغني" (13/ 6).
(¬2) انظر: "الهداية شرح بداية المبتدي" (2/ 135)، و"بدائع الصنائع" (7/ 98).
(¬3) انظر: "المختصر" لخليل (ص 90)، و"المقدمات الممهدات" (1/ 346).
(¬4) انظر: "الأم" (4/ 161)، و"مغني المحتاج" (4/ 208).
(¬5) انظر: "المغني" (13/ 6)، و"كشاف القناع" (3/ 32).
(¬6) انظر: "المحلى بالآثار" (7/ 219).
(¬7) انظر: "المذكرة في أصول الفقه" (ص 19).
(¬8) انظر: "تفسير البغوي" (1/ 471).