كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)
الجهاد فرض عين على كل مسلم إلى يوم القيامة.
وورد ذلك عن: أبي أيوب الأنصاري، وأبي طلحة، والمقداد بن الأسود -رضي اللَّه عنهم-.
وممن قال به: سعيد بن المسيب (¬1).
واستدلوا بالنصوص الصريحة في الأمر بالقتال نحو قوله -سبحانه وتعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]، وسبق أن قدَّمنا بأن هذه الآية وأشباهها من العام المخصوص، ومما يدل على ذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يخرج قط للغزو إلا وترك بعض الناس (¬2).
• القول الثاني: أن الجهاد تطوع وليس بفرض، والأمر به جاء للندب، ولا يجب قتال الكفار إلا دفعًا.
وورد ذلك عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-.
وممن قال به: عطاء، وعبيد اللَّه بن الحسن، والثوري (¬3).Rأن الإجماع غير متحقق لوجود المخالف المعتبر في المسألة، فما ورد عن الصحابة، والتابعين الأجلاء من خلاف لهذا القول يكفي في خرق الإجماع، واللَّه تعالى أعلم.
[7/ 7] يُبتدأ في جهاد الكفار قتال الأقرب فالأقرب منهم مما يلي بلاد المسلمين:
• المراد بالمسألة: أنه ينبغي للإمام إذا عزم على قتال المشركين في ديارهم، وقد تكافأت أحوال هؤلاء الأعداء (¬4) أن يبدأ بقتال الأقرب، فالأقرب من بلاد الإسلام. ونقل الإجماع على ذلك.
¬__________
(¬1) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (4/ 230).
(¬2) انظر: "بداية المجتهد" (1/ 318).
(¬3) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (4/ 310).
(¬4) وقرر أهل العلم أن للأقرب والأبعد ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون الأقرب أخوف جانبًا وأقوى عدة فوجب أن يُبدأ به.
والحال الثانية: أن يكون الأبعد أخوف من الأقرب فيبدأ بقتال الأبعد لقوته.
والحال الثالثة: أن يتساوى الأبعد والأقرب في القوة والخوف، فإن لم يُقدر على قتالهما جميعًا وجب أن يبدأ بقتال القربى قبل البُعدى. انظر: "الحاوي الكبير" (14/ 139).