كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)
(وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم، فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم، وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات) (¬1).
• الموافقون للإجماع: وافق على ذلك: الحنفية (¬2)، والمالكية (¬3)، والشافعية (¬4)، والحنابلة (¬5).
• مستند الإجماع:
1 - ما تأوَّله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]. قال أبو العالية، وطاوس، وابن سيرين، والضحاك، والربيع بن أنس، وغيرهم: "هو أعياد المشركين" (¬6).
2 - الأدلة التي تنهى عن التشبه بالكفار عمومًا ومنها: ما جاء عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" (¬7).
• وجه الدلالة: أن أعياد الكفار من أخص ما نهينا عن التشبه بالكفار فيه، لأنها من أخص الخصائص التي تميز الأمم (¬8).
3 - أن مشاركة الكفار أعيادهم وتهنئتهم بها هو في الحقيقة موافقة لهم في شعائرهم، والتي تؤدي إلى موافقتهم في الكفر والعياذ باللَّه (¬9).
4 - ما ورد من شروط عمر -رضي اللَّه عنه- وقد تلقتها الأمة بالقبول، وكان منها أن أهل الذمة لا يظهرون أعيادهم في دار الاسلام، حيث ورد فيه "وأن لا نخرج شعانين، ولا باعوثًا" (¬10).
¬__________
(¬1) المرجع السابق (1/ 234). وإن مما يدمي القلب، ويحزن النفس أن ترى كثيرًا من المسلمين، وللأسف يشاركون هؤلاء الكفرة في تلك الأعياد، بدافع التقليد الأعمى، أو لغير ذلك من الأغراض. وغاب عنهم أن مشاركتهم في أعيادهم هو أمر متعلق بالدين، وأنه يترتب عليه أمور خطيرة. نسأل اللَّه العافية والسلامة.
(¬2) انظر: "تبيين الحقائق" (6/ 229)، و"رد المحتار" (6/ 755).
(¬3) انظر: "مواهب الجليل" (6/ 290).
(¬4) انظر: "تحفة المحتاج" (9/ 182).
(¬5) انظر: "كشاف القناع" (3/ 132)، و"الفروع" (5/ 309).
(¬6) انظر: "تفسير ابن كثير" (3/ 328).
(¬7) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (11/ 453، برقم 20986)، وأبو داود في "سننه" (4/ 44، برقم 4031).
(¬8) انظر: "الفروع" (5/ 309).
(¬9) انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/ 208).
(¬10) أخرجه الطبري في "التاريخ" (2/ 449)، وابن حزم في "المحلى" (5/ 414، 415)، وغيرهما، وقال ابن تيمية رحمه اللَّه عن شروط صلح عمر مع نصارى الشام: وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه، والعلم =