كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)
لأنهم نجسٌ دينًا.
ب- وأما منعهم من الاستيطان في جزيرة العرب، فلما رواه ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" (¬1)، وعن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلمًا" (¬2).
• وجه الدلالة: أن هذه النصوص واضحة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب، وعدم إقامتهم فيها.Rأن الإجماع متحقق على حرية الذمي بالتنقل والسكن في أرض الإسلام، والدخول في أي البلاد حاشا جزيرة العرب؛ لعدم المخالف.
ومن الجدير بالذكر: أن الفقهاء نصوا على أن أهل الذمة لا يُمنعون من الاجتياز والمرور بجزيرة العرب وهم مسافرون، ولكن لا يُقيمون بها فوق ثلاثة أيام (¬3).
ويدل لذلك: ما جاء أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: "ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاثة أيام يتسوقون بها، ويقضون حوائجهم، ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال" (¬4).
[241/ 23] جواز تعامل أهل الذمة فيما بينهم، وفيما بينهم وبين المسلمين:
• المراد بالمسألة: بيان أن الأصل المقرر في عموم التعامل مع أهل الذمة هو الجواز مطلقًا، ويستثنى من ذلك ما كان الحرام في ذات المتعامل فيه، كالعوض المحرم، مثل: الخمر، ولحم الخنزير، والميتة، أو كالمنفعة غير المباحة مثل: الفوائد الربوية، وكذلك يحرم التعامل في الوسائل التي يستعينون بها في إقامة دينهم،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، في أبواب الجزية، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (3/ 1151، برقم 2997).
(¬2) أخرجه مسلم، كتاب الجهاد، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب (5/ 160، برقم 4693).
(¬3) انظر: "المنتقى شرح الموطأ (7/ 195)، ومن الغريب أن بعض العلماء ينسبون إلى الإمام أبي حنيفة القول بجواز الاستيطان في الحجاز، والمقرر في كتب الأحناف خلاف ذلك، انظر: "شرح السير الكبير" (4/ 1541)، و"تبيين الحقائق" (3/ 280)، وقارن بما قاله الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص 215)، و"الإفصاح" (2/ 300).
(¬4) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى": (9/ 209).