كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 6)

• وجه الدلالة:
1 - حيث حمل العلماء المراد بالسفر في هذه الأحاديث سفر الجهاد ونحوه من كل سفر واجب (¬1).
2 - وبما تقرر في كتب الأصول أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ فوسائل المأمورات مأمور بها، ووسائل المنهيات منهي عنها (¬2)، فإذا كان المقصد هنا وهو الجهاد واجبًا إما وجوبًا كفائيًّا أو عينيًّا، فكذلك يكون حكم السفر له؛ لأنه وسيلة لتحقيقه.
قال القرافي (684 هـ): (فكما أن وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحج. . ومما يدل على حسن الوسائل الحسنة قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120]، فأثابهم اللَّه على الظمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم؛ بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين، فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة) (¬3).Rصحة الإجماع في حال تعتن الجهاد، حيث لم أقف على من خالف في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.

[10/ 10] تفضيل الرباط في ثغور المسلمين على المجاورة في المساجد الثلاثة:
• المراد بالمسألة: بيان أن المقام في ثغور المسلمين، والرباط بها، أفضل من المجاورة (¬4) في المساجد الثلاثة، وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. وقد نُقل الإجماع على ذلك.
• وممن نقل الإجماع: شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ) حيث يقول: (بل المقام في ثغور المسلمين كالثغور الشامية، والمصرية أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة،
¬__________
(¬1) انظر: "فيض القدير" (4/ 109).
(¬2) انظر: "إعلام الموقعين" (3/ 135).
(¬3) "الفروق" (2/ 61).
(¬4) المجاورة بمكة والمدينة يراد بها: المقام مطلقًا غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعي. انظر: "النهاية" (1/ 314)، فالمجاورة أعمّ من الاعتكاف؛ لأنّه يكون في المسجد وغيره، ويكون مع الصّيام وبدونه.

الصفحة 46