٣٠٠٤ - عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال:
«بعثنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وأمر علينا أبا عبيدة، نتلقى عيرا لقريش، وزودنا جرابا من تمر، لم يجد لنا غيره، قال: فكان أَبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال: قلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل، قال: وكنا نضرب بعصينا الخبط، ثم نبله بالماء، فنأكله، قال: وانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه، فإذا هو دابة تدعى العنبر، قال أَبو عبيدة: ميتة، (قال حسن بن موسى: ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم)، (وقال هاشم في حديثه: قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وفي سبيل الله)، وقد اضطررتم فكلوا، وأقمنا عليه شهرا، ونحن ثلاث مئة، حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن، ونقتطع منه الفدر كالثور، أو كقدر الثور، قال: ولقد أخذ منا أَبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا، فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا، (قال حسن: ثم رحل أعظم بعير كان معنا) فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وشائق، فلما قدمنا المدينة، أتينا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله عز وجل لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم منه فأكله» (¬١).
---------------
(¬١) اللفظ لأحمد (١٤٣٩٠).
- وفي رواية: «عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يخبر نحوا من
⦗١٢٩⦘
خبر عَمرو هذا (¬١)، وزاد فيه، قال: وزودنا النبي صَلى الله عَليه وسَلم جرابا من تمر، فكان يقبض لنا قبضة قبضة، ثم تمرة تمرة، فنمضغها، ونشرب عليها الماء حتى الليل، ثم نفد ما في الجراب، فكنا نجتني الخبط بقسينا، فجعنا جوعا شديدا، فألقى لنا البحر حوتا ميتا، فقال أَبو عبيدة: غزاة وجياع، فكلوا، فأكلنا، فكان أَبو عبيدة ينصب الضلع من أضلاعه، فيمر الراكب على بعيره تحته، ويجلس النفر الخمسة في موضع عينه، فأكلنا منه وادهنا، حتى صلحت أجسامنا، وحسنت سحناتنا، قال: فلما قدمنا المدينة، قال جابر: فذكرناه لرسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فقال: رزق أخرجه الله لكم، فإن كان معكم منه شيء فأطعموناه، قال: فكان معنا منه شيء، فأرسل به إليه بعض القوم، فأكل منه» (¬٢).
- وفي رواية: «بعثنا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم مع أبي عبيدة، ونحن ثلاث مئة وبِضعة عشر، وزودنا جرابا من تمر، فأعطانا قبضة قبضة، فلما أن جزناه أعطانا تمرة تمرة، حتى إن كنا لنمصها كما يمص الصبي، ونشرب عليها الماء، فلما فقدناها، وجدنا فقدها، حتى إن كنا لنخبط الخبط بقسينا ونسفه، ثم نشرب عليه من الماء، حتى سمينا جيش الخبط، ثم أجزنا الساحل، فإذا دابة مثل الكثيب، يقال له: العنبر، فقال أَبو عبيدة: ميتة لا تأكلوه، ثم قال: جيش رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وفي سبيل الله، عز وجل، ونحن مضطرون، كلوا باسم الله، فأكلنا منه، وجعلنا منه وشيقة، ولقد جلس في موضع عينه ثلاثة عشر رجلا، قال: فأخذ أَبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فرحل به أجسم بعير من أباعر القوم، فأجاز تحته، فلما قدمنا على رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قال: ما حبسكم؟ قلنا: كنا نتبع عيرات قريش، وذكرنا له من أمر الدابة، فقال: ذاك رزق رزقكموه الله، عز وجل، أمعكم منه شيء؟ قال: قلنا: نعم» (¬٣).
---------------
(¬١) يعني حديث عَمرو بن دينار.
(¬٢) اللفظ لأحمد (١٤٣٨٩).
(¬٣) اللفظ للنسائي ٧/ ٢٠٨ (٤٨٤٧).