كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 6)

فيها أبدًا))، فربا الرجلُ ربوةً شديدة - أي: انتفخ - واصفرّ وجهُه، فقال له ابن عباس: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر، وكلِّ شيء ليس فيه روح (¬1).
واستمر سوقُ الأمر والنهي مع إيجاد البديل في أمة الإسلام عبر القرون، وفي حوادث سنة ثمانين وسبع مئة، ذكر صاحبُ ((أنباءِ الغمر)): أن رجلًا من أهل الصلاح يُقال له ((عبدُ الله الزيلعي)) توجه إلى الجيزة فبات بقرب ((أبي النمرس)) فسمع حسَّ الناقوس، فسأل عنه، فقيل له: إن بها كنيسة يُعمل فيها ذلك كلَّ ليلة، حتى ليلةِ الجمعة، وفي يومها والإمامُ يخطب على المنبر! فسعى عند جمال الدين المحتسب في هدمها، فقام في ذلك قيامًا تامًا إلى أن هدمها وصيَّرها مسجدًا (¬2).
وهذا الأمرُ - مع أهميته - يرد التقصيرُ فيه، وذلك لأنه يحتاج إلى علمٍ وعمل وهمّة وتفكير، وقد عُني به شيخُ الإسلام وبيَّن تقصير الناس فيه، ومما قاله في ذلك: وكثيرٌ من المنكرين للبدع في العبادات والعادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك، أو الأمر به .. إلى قوله: بل الدينُ هو الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا يُنهى عن منكرٍ إلا ويُؤمر بمعروف يُغني عنه، كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى، ويُنهى عن عبادة ما سواه (¬3).
عباد الله: كما يُغفل أحيانًا - في سبيل إنكار المنكرِ ونصح صاحبه - البدء بذكر محاسنه التي تفتح الطريق لاستقبال النصح فيما بعد، وفي القرآن الكريم: {يَسْأَلُونَكَ
¬_________
(¬1) صحيح البخاري ح 2225، 5963.
(¬2) ((إنباء الغمر)) 1/ 271 عن كتاب ((المنتدى في الأمر بالمعروف))، خالد بن عثمان السيت 257.
(¬3) اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 616، 617.

الصفحة 281