كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد ذكرنا عن "جامع الأصول" أن يونس أيضاً من ذرية إبراهيم، فبقي لوط خارجاً منها، ولما كان ابن أخيه، وآمن به، وهاجر معه، أمكن أن يجعل من الذرية على سبيل التغليب.
وقال صاحب "المرشد": اختلفوا في أن الضمير في: (ومِن ذُرِّيَّتِهِ) هل يرجع إلى إبراهيم أو نوح؟ والوجهان محتملان، ومعناه: وهدينا من ذريته داود وسليمان، ثم الوقوف على (المُحْسِنِينَ) كافٍ، ثم يبتدئ (وَزَكَرِيَّا) على أنه معطوف على ما قبله إلى قوله: (وَلُوَطاً)، ويبتدئ: (وكُلاًّ فَضَّلْنَا).
وقلت: فعلى هذا كل من الآيات مستقلة في الدلالة، وهو الوجه، إذ ورود ذكر الأنبياء على غير ترتيب، لا سيما إسماعيل، وهو ولد إبراهيم، أخر ذكره، يدل دلالة ظاهرة على الاستقلال.
قوله: "بدليل قوله: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)، وبدليل وصل قوله: (فَإن يَكْفُرْ) "، يعني: دل نظم الآيات على أن المراد بقوله: الأنبياء، فإن الآيتين اللتين صدرتا بـ (أُوْلَئِكَ) إنما عقبتا قوله: (ولَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) للتسلي والتأسي. وذلك أنه تعالى لما ذكر أولئك القادة السادة، وبين مراتبهم وطبقاتهم: تارة بالإحسان، وتارةً بتفضيلهم على العالمين، وأخرى بالاجتباء والهداية على صراطٍ مستقيم، وفذلك ذلك بقوله: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ) على طريقة قول حاتم:
ولله صعلوك ...

الصفحة 153