كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقومون بحقها، ولا يضيعونها، فإن أضاعها هؤلاء الكفرة، ولم يشكروا حق تلك النعمة، فأولئك الأقوام غير موصوفين بذلك، وأنت سيدهم، فلا تحتفل بذلك، كما تقول لصاحبك: منحتك هذا، فإن نازعك فلان فيه، أو أراد إتلافه، فلا بأس، لأنك مليء قادر على حفظه.
وأما التأسي فهو قوله: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ). قال الزجاج: "معنى قوله: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) الأنبياء الذين ذكرهم (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ): أي: اصبر كما صبروا، فإن قومهم كذبوهم، فصبروا على ما كذبوا وأوذوا، فاقتد بهم". وكذا عن صاحب "المرشد".
وقلت: ويعضده قوله: (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا)، فإنه من أجل ما يتأسى به وأولاه. قال في سورة "هود": "ما من رسول إلا واجه قومه بهذا القول، لأن شأنهم النصيحة، والنصيحة لا يمحصها ولا يمحضها إلا حسم المطامع، وما دام يتوهم شيء منها لم تنجع ولم تنفع"، وهذا التقرير مبني على أن الكلام مبني على التفريق والجمع، فرقهم أولاً مع خلائقهم وخصائلهم في تلك الآيات، ثم جمع خصائلهم في قوله: (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)، الآية، وجمع ذواتهم معها في قوله: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) وأمر حبيبه صلوات الله عليه بالاقتداء بهداهم، والانخراط في سلكهم.
ولذلك قال الإمام: "الآية دالة على فضله صلوات الله عليه على سائر الأنبياء، لأنه تعالى