كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
[(وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ)].
(فِي السَّماواتِ) متعلق بمعنى اسم "الله"، كأنه قيل: وهو المعبود فيها، ومنه قوله: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف: 84]، أو هو المعروف بالإلهية أو المتوحد بالإلهية فيها، أو هو الذي يقال له: "الله" فيها، لا يشرك به في هذا الاسم، ويجوز أن يكون (اللَّهُ فِي السَّماواتِ) خبراً بعد خبر؛ على معنى: أنه الله، وأنه في السموات والأرض، بمعنى أنه عالمٌ بما فيهما لا يخفى عليه منه شيء، كأن ذاته فيهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معين، لا يقبل التغيير، وأخبر عنه بأنه "عند الله"، ولا مدخل لغيره فيه بعلمٍ ولا قدرة، ولأنه المقصود ببيانه.
قوله: ({فِي السَّمَوَاتِ {متعلق بمعنى اسم "الله"). قال الزجاج: لو قلت: "هو زيد في المدينة"، لم يجز، إلا أن يكون في الكلام دليل على أن زيداً قد يدبر أمر المدينة.
ونقل أبو البقاء عن أبي علي أنه قال: لا يجوز أن يتعلق باسم "الله"، لأنه صار بدخول الألف واللام، والتغيير الذي دخله، كالعلم. ولهذا قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًا {[مريم: 65].
والمصنف اختار مذهب الزجاج، وزاد عليه في الاعتبار، وأول التركيب على وجوه؛ أحدها: جعل اسم "الله" مشتقاً من "أله يأله": إذا عبد. فالإله: فعال في معنى المفعول، أي: المألوه، وهو المعبود. ثم تصرف فيه، فصار "الله" كما سبق. هذا هو المراد من قوله: "وهو المعبود فيها".
الصفحة 19
744