كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)
أو السحاب أو المطر. و"المدرار": المغزار.
فإن قلت: أي: فائدةٍ في ذكر إنشاء قرن آخرين بعدهم؟ قلت: الدلالة على أنه لا يتعاظمه أن يهلك قرناً، ويخرب بلاده منهم؛ فإنه قادرٌ على أن ينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده، كقوله تعالى: (وَلا يَخافُ عُقْباها) [الشمس: 15].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الأنعام: 6]، وإنما المرسل هو السحاب، لأن الماء ينزل من المظلة إلى السحاب.
قوله: (والمدار: المغزار). قال الزجاج: {مِّدْرَارًا {: أي داراً ذات غيثٍ كثير. و"مفعال" من أسماء المبالغة، كقولهم: "امرأة مذكار": إذا كانت كثيرة الولادة للذكور. وكذلك "مثنات" من الإناث.
قوله: (إنشاء قرنٍ آخرين بعدهم). قال الزجاج: القرن: أهل كل مدةٍ كان فيها نبي، أو كان فيها طبقة من أهل العلم، قلت السنون أو كثرت. يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
قوله: (ويخرب بلاده منهم). ضمن "خرب" معنى "أخلى"، وعداه بـ"من"، أي: أخلى الله تعالى بلاده منهم، فهي خربة.
قوله: (كقوله تعالى: {ولا يَخَافُ عُقْبَاهَا {[الشمس: 15]). يعني: وزان قوله تعالى: {وأَنشَانَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ {[الأنعام: 6]، وزان قوله: {ولا يَخَافُ عُقْبَاهَا {[الشمس: 15] في كونه تقريراً للكلام السابق، وتتميماً لمعنى عدم المبالاة. كأنه قيل: فأهلكناهم بذنوبهم، وما خفنا
الصفحة 25
744