كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 6)

فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة إنسان: هذا إنسانٌ وليس بملك، فإن قال لهم: الدليل على أني ملكٌ أني جئت بالقرآن المعجز، وهو ناطقٌ بأني ملك لا بشر، كذبوه كما كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فإذا فعلوا ذلك خذلوا كما هم مخذولون الآن، فهو ليس الله عليهم.
ويجوز أن يراد: وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ حينئذٍ مثل ما يلبسون على أنفسهم الساعة في كفرهم بآيات الله البينة، وقرأ ابن محيصن: "ولبسنا عليهم"، بلامٍ واحدة. وقرأ الزهري: "وللبسنا عليهم ما يلبسون"، بالتشديد.
[(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المهملة، كذا يرويه أكثر أصحاب الحديث، وأهل اللغة، وقال الأمير أبو نصر بن ماكولا: هو بالفتح"، وهو الذي كان ينزل جبريل عليه السلام في صورته.
قوله: (ويجوز أن يراد: وللبسنا عليهم حينئذٍ)، اعلم أن {مَّا {في قوله: {مَّا يَلْبِسُونَ {: إما موصولة، والعائد محذوف، وهو مفعول {ولَلَبَسْنَا {، كما ذكره أبو البقاء. وعليه الوجه الأول في الكتاب، ومن ثم قدر "حينئذٍ" بعد تمام الكلام.
والمراد باللبس: الخلط في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. المعنى: لخلطنا عليهم الذي يخلطونه على أنفسهم، في كون الرسول ينبغي أن يكون ملكاً لا بشراً. هذا على مذهب أهل السنة ظاهر، دون مذهبهم، ولهذا أول اللبس بالخذلان، حيث قال: "خذلوا كما هم مخذولون الآن، فهو لبس الله عليهم".

الصفحة 29